(لا تصيبه الشمس ولا يزول). وقال ابن زيد: (دائمًا لا يزول).
وقوله: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا﴾. قال قتادة: (دليلًا يتلوهُ وَيتْبَعُهُ حتى يأتيَ عليه كُلِّه). وقال ابن عباس: (يقول: طلوع الشمس). وقال ابن زيد: (أخرجت ذلك الظلّ فذهبت به). والمقصود: لولا طلوع الشمس على ذلك الظل لما عُرِف، فإن الضِّد يعرف بِضده، وبضدها تتميز الأشياء.
وقوله: ﴿ثُمَّ قَبَضْنَاهُ﴾. أي: الظل، وقيل: الشمس. ﴿قَبْضًا يَسِيرًا﴾: قال ابن عباس: (يقول: سريعًا). وقال مجاهد: (خفيًا). وقال غيره: (سهلًا). وقال أيوب ابن موسى: (أي: قليلًا قليلًا). وقال السدي: (قبضًا خفيًا) حتى لا يبقى في الأرض ظل إلا تحت سقف أو تحت شجرة، وقد أظلّت الشمسُ ما فوقه). قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: ثم قبضنا ذلك الدليل من الشمس على الظّلِ إلينا قبضًا خفيًا سريعًا بالفيء الذي نأتي به بالعشي).
وقوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا﴾. قال النسفي: (جعل الظلام الساتر كاللباس).
والمقصود: صار الليل سترًا كالثياب التي يُكسى بها العباد. كما قال تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾ [الليل: ١]. وكقوله تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾ [الشمس: ٤].
وقوله: ﴿وَالنَّوْمَ سُبَاتًا﴾. قال القرطبي: (أي راحة لأبدانكم بانقطاعكم عن الأشغال. وأصل السبات من التمدد. يقال: سبتت المرأة شعرها أي نقضته وأرسلته. وقيل للنوم سبات لأنه بالتمدد يكون، وفي التمدد معنى الراحة. وقيل: السبت القطع، فالنوم انقطاع عن الاشتغال، ومنه سبت اليهود لانقطاعهم عن الأعمال فيه. وقيل: السبت الإقامة في المكان، فكأن السبات سكون مّا وثبوت عليه، فالنومُ سُباتٌ على معنى أنه سكون عن الاضطراب والحركة. وقال الخليل: السبات نوم ثقيل، أي جعلنا نومكم ثقيلًا ليكمل الإجمام والراحة) انتهى.
وقوله: ﴿وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا﴾. قال مجاهد: (ينشر فيه).
والمقصود: الانتشار للمعاش. قال ابن كثير: (أي: ينتشر الناس فيه لمعايشهم ومكاسبهم وأسبابهم).