العبادة من دون الله العظيم، وإنما قادهم إلى ذلك التحاكم للعادات والأهواء حتى تجرؤوا على معاداة الله من أجلها ورسوله والمؤمنين.
وقوله: ﴿وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا﴾. أي معينًا للشيطان وحزبه على أولياء الله وأهل طاعته. قال مجاهد: (يظاهر الشيطان على معصية الله: يُعينُه). وقال سعيد بن جبير: (يقول: عونًا للشيطان على ربِّه بالعداوة والشِرك).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ﴾ [يس: ٧٤، ٧٥].
٢ - وقال تعالى: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [المجادلة: ١٩].
وفي صحيح ابن حبان من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي - ﷺ - قال: [إذا أصبح إبليس بثَّ جنوده، فيقول: من أَضَلَّ اليوم مسلمًا ألبستُه التاج، فيخرجُ هذا فيقول: لم أزل به حتى طلق امرأته، فيقول: أوشك أن يتزوج. ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى عق والديه فيقول: يوشك أن يبرّهما. ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى أشرك، فيقول: أنت أنت، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى قتل، فيقول: أنت أنت ويُلبِسُه التاج] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٥٦)﴾.
أي مبشرًا المؤمنين بثواب الله العظيم، ونذيرًا للكافرين من عقاب الله الأليم.
وقوله تعالى: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾.
أي: قل -يا محمد- لقومك الذين أرسلت إليهم: إنني لا أبتغي من وراء دعوتي لكم وإنذاري لنجاتكم، ما في أيديكم من أموالكم، وإنما أبتغي بذلك وجه الله. قال القرطبي: ﴿إِلَّا مَنْ شَاءَ﴾ لكن من شاء، فهو استثناء منقطع، والمعنى: لكن من شاء ﴿أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾ بإنفاقه من ماله في سبيل الله فلينفق. ويجوز أن يكون متصلًا

(١) حديث صحيح. أخرجه ابن حبان (٦٥) بإسناد رجاله ثقات، رجال البخاري. وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة -حديث رقم- (١٢٨٠).


الصفحة التالية
Icon