قلت: وكلها أقوال متقاربة في صفات عباد الله المؤمنين مفادها أنهم يمشون بسكينة ووقار، وبحلم وتواضع لا باستكبار.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي - ﷺ - قال: [إذا سَمِعْتُم الإقامةَ فامشوا إلى الصلاة، وعليكم بالسكينة والوقار ولا تُسرعوا، فما أدركتم فَصَلّوا وما فاتكم فأتِمُّوا] (١).
وقوله: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾. قال مجاهد: (سدادًا من القول).
والمقصود: إذا حصل أن سفِهَ عليهم بعض الجهال قابلوهم بالصفح والحلم ولم يقولوا إلا خيرًا.
وفي التنزيل: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ [القصص: ٥٥].
وفي جامع الترمذي بسند حسن عن عبد الله بن مسعود عن النبي - ﷺ - قال: [ليس المؤمن بالطَّعَّان ولا اللَّعَان ولا الفاحِش ولا البَذِيّ] (٢).
وَعَن الحسن: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ قال: حلماء لا يجهلون، وإن جُهِلَ عليهم حلموا ولم يسفهوا، هذا نهارهم فكيف ليلهم؟ خير ليل صفوا أقدامهم، وأَجْرَوا دموعهم على خدودهم، يطلبون إلى الله جل ثناؤه فكاك رقابهم).
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾.
أي: فإذا أقبل الليل ناموا ثم قاموا إلى السجود والركوع، والتذلل والخشوع، يبكون بين يدي ربهم عز وجل، يرجون رحمته ويخافون عذابه.
قال الحسن: (يُصاحبون عبادَ الله نهارَهم بما تسمعون. ثم ذكر: لَيلُهم خَيْرُ ليل).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الذاريات: ١٧، ١٨].
(٢) حديث حسن. أخرجه الترمذي (١٩٧٨)، وأحمد (٣٨٣٩)، والحاكم (١/ ١٢).