فانظر إلى أثر المبادرة بالعمل الصالح كالاستغفار طرفي النهار وفي الليل، والحرص على صلاة الجماعة في المسجد، والجهاد في سبيل الله، في تأكيد صحة التوبة ورجاء قبولها.
٧٢ - ٧٤. قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (٧٢) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (٧٣) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (٧٤)﴾.
في هذه الآيات: استمرارُ المدح والثناء من الله تعالى لعباده المؤمنين، فهم لا يشهدون الزور ويبتعدون عن اللغو وإذا ذُكِّروا بآياته سبحانه أصغوا إليها منصتين، وهم مثابرون في دعائهم يسألون ربهم أن يهب لهم من أزواجهم وذرياتهم قرة أعين وأن يجعلهم أئمة وأسوة للمتقين.
فقوله: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾.
قال الضحاك: (الشرك). وقال مجاهد: (لا يسمعون الغناء). وقال ابن جُريج: (﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ قال: الكذب).
قلت: وفي لغة العرب: (الزُّور: الكذب). والتزوير: تزيين الكذب. قال الرازي: (و"زَوَّرَ" الشيء "تزويرًا" حَسَّنَهُ وقَوَّمه). فوصف الله عباده المؤمنين بأنهم لا يحضرون مجالس الزور، فيدخل فيها مجالس المجون والكذب والباطل، وأشدّ ذلك -أو من أشدّه- شهادة الزور.
قال النسفي: (﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ أي الكذب، يعني ينفرون عن محاضر الكذابين ومجالس الخطائين فلا يقربونها تنزهًا عن مخالطة الشر وأهله، إذ مشاهدة الباطل شركة فيه، وكذلك النظارة إلى ما لم تسوغه الشريعة هم شركاء فاعليه في الآثام، لأن حضورهم ونظرهم دليل الرضا وسبب وجود الزيادة فيه. قال: أو لا يشهدون شهادة الزور على حذف المضاف).