وقوله تعالى: ﴿قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا﴾. قال القرطبي: (على جهة المنّ عليه والاحتقار. أي: ربيناك صغيرًا ولم نقتلك في جملة من قتلنا).
وقال النسفي: (والوليد الصبي لقرب عهده من الولادة، أي: ألم تكن صغيرًا فربيناك).
وقوله تعالى: ﴿وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ﴾. أي: مكثت فينا تحت نعمتنا لك مدة من السنين، فمتى كان هذا الذي تدعيه؟ !.
وقوله تعالى: ﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾. أي: الجاحدين.
قال ابن زيد: (قال: ربيناك فينا وليدًا، فهذا الذي كافأتنا أن قتلت منا نفسًا، وكفرت نعمتنا). وعن ابن عباس: ﴿وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ يقول: كافرًا للنعمة أن فرعون لم يكن يعلم ما الكفر).
فالمعنى: يقول فرعون: أفبعد أن أنعمنا عليك بالرعاية والتربية والإطعام مدة من السنين في بيتنا، قابلت تلك النعمة أن قتلت منا رجلًا، وجحدت إحساننا إليك.
وقوله تعالى: ﴿قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ﴾. قال مجاهد: (من الجاهلين). أي: أقدمت على ذلك القتل قبل أن يوحى إليّ ويكرمني الله تعالى بالرسالة والنبوة.
وقوله تعالى: ﴿فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾.
قال القاسمي: (أي تقتلوني على القتل الخطأ، فنجاني الله منكم، وزادني إنعامًا ﴿فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا﴾ أي حكمة أو نبوة ﴿وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ أي: لإبطال دعواك الربوبية، واستئصال شُبَه ما عليه قومك من الوثنية. وطلب إرسال قومي إلى مواطنهم الأصلية).
وقوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾.
قال مجاهد: (قهرتهم واستعملتهم). وقال قتادة: (يقول موسى لفرعون: أتمنّ علي أن اتخذت أنت بني إسرائيل عبيدًا). قال ابن كثير: (أي: وما أحسنتَ إليَّ ورَبَّيْتَني مُقابل ما أسأتَ إلى بني إسرائيل! فجعلتهم عبيدًا وخدمًا، تُصرِّفُهم في أعمالك ومشاقِّ رَعيَّتِك، أَفَيفي إحسانُكَ إلى رجلٍ واحدٍ منهم بما أسأتَ إلى مجموعهم؟ !. أي: ليس ما ذكرتَه شيئًا بالنسبة إلى ما فعلتَ بهم).