فترك الطريق إلى الشام على يساره وتوجه نحو البحر. قال: فلما أصبح فرعون وعلم بِسُرى موسى ببني إسرائيل، خرج في أثرهم).
وقوله تعالى: ﴿فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ﴾.
قال النسفي: (أي جامعين للناس بعنف). والمقصود: أن فرعون قد استنفر وبعث بأمره إلى مدائن مصر لتلحقه العسكر.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ﴾.
قال القاسمي: (-أي- جامعين لعسكره، قائلين ما يقلِّل به الأعداء في أعين الجنود).
وأصل الشِّرذمة - في كلام العرب - الجمع القليل المحتقر، والجمع: الشَّراذِم. قال الجوهري: (الشِّرذمة الطائفة من الناس والقطعة من الشيء).
والمقصود: يقول فرعون مشجعًا جنوده في الأمصار، على الالتحاق به بسرعة واستنفار، إن هؤلاء - يعني بني إسرائيل - طائفة قليلة خرجت عن الطاعة ولا بد من تأديبها.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ﴾. هو من قيل فرعون الممتلئ صدره غيظًا مما يجري ضده.
أي: وإنهم في مسلكهم هذا يفعلون أفعالًا تغيظنا، وتضيق به صدورنا، من اختيارهم الإيمان على غير طريقتنا، وخلاف أمرنا، وخروجه دون إذننا.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ﴾. أي: متيقظون مستعدون حذرون، متهيئون بالسلاح لاستئصال شأفتهم وإبادة خضرائهم والإجهاز عليهم.
قال النسفي: (وهذه معاذير اعتذر بها إلى أهل المدائن لئلا يظن به العجز والفتور).
وقوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٧) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ﴾. أي: انقلب المكر على أهله.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: فأخرجنا فرعون وقومه من بساتين وعيون ماء، وكنوز ذهب وفضة، ومقام كريم).


الصفحة التالية
Icon