والحق. وهو كقوله: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ [إبراهيم: ٤١]. وقد تراجع إبراهيم - ﷺ - عن مثل هذا الدعاء حين علم نهي الله تعالى عن ذلك.
كما قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٤].
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ﴾. أي: نجني من الخزي يوم تبعث عبادك.
قال البخاري في كتاب التفسير من صحيحه - باب: ﴿وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ﴾: [وقال إبراهيم بن طَهْمان عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُرِيّ، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - ﷺ - قال: "إن إبراهيم عليه الصلاةُ والسلامُ يرى أباه يَوْمَ القيامة عليه الغَبَرَةُ والقَترَة". والغَبَرَة: هي القترة] (١).
ثم قال البخاري: حَدّثنا إسماعيل، حدثنا أخي عن ابنِ أبي ذِئب، عن سعيد المَقْبُرِيِّ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - ﷺ - قال: [يَلْقى إبراهيم أباهُ فيقول: يا رب إنك وَعَدْتني أن: ﴿وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ﴾ فيقول الله: إني حَرَّمتُ الجنة على الكافرين] (٢).
وقد أورد البخاري تفصيل هذه الرواية في كتاب أحاديث الأنبياء، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - ﷺ - قال: [يَلْقى إبراهيمُ أباه آزرَ يَوْمَ القيامة وعلى وجهِ آزر قتَرَةٌ وغَبَرَة، فيقول له إبراهيم: أَلَمْ أَقُلْ لك: لا تَعْصِني؟ فيقول أبوه: فاليوم لا أَعْصِيكَ، فيقول إبراهيم: يا رَبِّ إنَّك وَعَدْتني أنْ لا تُخْزِيَني يوم يُبعثون، فأيُّ خِزْيٍ أخْزى مِنْ أبي الأبْعَد؟ فيقول الله تعالى: إني حَرَّمْتُ الجنة على الكافرين، ثم يُقال: يا إبراهيمُ ما تَحْتَ رجْلَيْك؟ فَينْطرُ فإذا هو بِذِيخٍ مُتَلَطِّخ فَيُؤْخَذُ بقوائِمِه فَيُلقى في النار] (٣).
وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.
قال القاسمي: (أي: لا يقي المرء من عذاب الله ماله، ولو افتدى بملء الأرض ذهبًا. ولا بنوه، وإن كانوا غاية في القوة. فإن الأمر ثمة ليس كما يعهدون في الدنيا،
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٧٦٩) - كتاب التفسير- الباب السابق، آية (٨٧).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٣٥٠) - كتاب أحاديث الأنبياء. وانظر (٤٧٦٩) - نحوه.