وقوله تعالى: ﴿قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (٩٦) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
أي: يتخاصم الضعفاء مع الطغاة في نار جهنم، يقولون لهم: تالله لقد كنا في ضلال عن الحق حين نعدلكم برب العالمين، فنطيعكم في غيكم ومكركم وكفركم بدلًا من طاعة الله رب العالمين.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ﴾. قال عكرمة: (إبليس وابن آدم القاتل).
قال القاسمي: ﴿وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ﴾ أي: رؤساؤهم، كما في آية: ﴿رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾ [الأحزاب: ٦٧]).
وقوله تعالى: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (١٠٠) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾.
تحَسُّرٌ من أصحاب النار على أنفسهم. أي: كانوا يظنون في أصنامهم أنهم شفعاؤهم عند الله، وفي أصدقائهم من شياطين الإنس والجن أنهم أهل منفعة لهم في مثل هذه النوائب.
قال قتادة: (يعلمون والله أن الصديق إذا كان صالحًا نفع، وأن الحميم إذا كان صالحًا شفع).
قال الزمخشري: (و"الحميم" من الاحتمام وهو الاهتمام، وهو الذي يهمه ما يهمك. أو من "الحامة" بمعنى الخاصة. وهو الصديق الخاص. وفيه معنى الحدة والسخونة. كأنه يحتدّ ويحمى، لحماية خليله ورعايته، والقيام بمهماته. وهذا هو الذي قيل: "إنه أعز من بيض الأنوق" وإنه اسم بلا مسمى).
وفي التنزيل:
﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف: ٦٧].
وقوله تعالى: ﴿فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
أي: فلو أن لنا رجعة إلى دار الدنيا فنحسن الإيمان والعمل ونستأنف طريق النجاة. قال ابن كثير: (وذلك أنهم يتَمنَّون أن يُردُّوا إلى الدار الدنيا، ليعملوا بطاعة ربهم فيما يزعمون، وهو سبحانه وتعالى يعلم أنه لو رَدَّهم إلى الدار الدنيا لعادُوا لما نُهوا عنه وإنهم لكاذبون).