نزلت: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾، قال: نزلت في ستة: أنا وابن مسعود منهم، وكان المشركون قالوا: تدني هؤلاء] (١).
الحديث الثاني: أخرج ابن ماجة بسند صحيح عن سعد قال: [كنا مع النبي - ﷺ - ستة نفر، فقال المشركون للنبي - ﷺ -: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا. قال: وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله - ﷺ - ما شاء الله أن يقع فحدّث نفسه، فأنزل الله عز وجل: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ (٢).
وقوله تعالى: ﴿قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١١٢) إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ﴾.
قال ابن جريج: (هو أعلم بما في نفوسهم).
قال القرطبي: ("كان" زائدة، والمعنى: وما علمي بما يعملون، أي: لم أكلف العلم بأعمالهم إنما كلفت أن أدعوهم إلى الإيمان، والاعتبار بالإيمان لا بالحِرَف والصَّنائع. وكأنهم قالوا: إنما اتبعك هؤلاء الضعفاء طمعًا في العزة والمال. فقال: إني لم أقف على باطن أمرهم وإنما إليّ ظاهرهم. وقيل: المعنى إني لم أعلم أن الله يهديهم ويضلكم، ويرشدهم ويغويكم، ويوفقهم ويخذلكم. ﴿إِنْ حِسَابُهُمْ﴾ أي: في أعمالهم وإيمانهم ﴿إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ﴾ وجواب ﴿لَوْ﴾ محذوف، أي: لو شعرتم أن حسابهم على ربهم لما عبتموهم بصنائعهم).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٤) إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾.
أي: إنما بعثت نذيرًا إلى الناس كافة، وما أرسلت خصوصًا لأهل الغنى والشرف دون أهل الفقر والحاجة. ومن ثمَّ فلا يجوز لي أن أطرد المؤمنين لخساسة أحوالهم وأشغالهم، وأقدم الشرفاء والرؤساء.
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَانُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ﴾. قال ابن عباس: (من المقتولين). وقال قتادة: (﴿مِنَ الْمَرْجُومِينَ﴾: أي بالحجارة). وقال ابن جرير: (يقول: قال لنوح قومه: لئن لَمْ تنته يا نوح عما تقول، وتدعو إليه، وتعيب به آلهتنا، لتكوننّ من المشتومين، يقول: لنشتمنك).
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة في السنن (٢/ ١٣٨٣)، وانظر المرجع السابق (١/ ٢٤٣).