قال: [خرج علينا رسول الله - ﷺ - وفي يده كتابان، فقال: أتدرون ما هذان الكتابان؟ قال: قلنا لا إلا أن تُخْبِرنا يا رسول الله، فقال للذي في يده اليمنى: هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أُجمِل على آخرهم، فلا يُزاد فيهم ولا يُنْقَصُ منهم أبدًا. ثم قال للذي في شماله: هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقَصُ منهم أبدًا. فقال أصحاب رسول الله - ﷺ -: فلأي شيء إذن نعمَلُ إن كان هذا أمْرًا قد فُرغَ منه؟ قال رسول الله - ﷺ -: سدّدوا وقاربوا، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل، وإنّ صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل، ثم قال بيده فقبضها، ثم قال: فرغ ربكم عز وجل من العباد، ثم قال باليمنى فنبذ بها فقال: فريق في الجنة، ونبذ باليسرى فقال: فريق في السعير] (١).
وقوله تعالى: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ﴾.
قال ابن عباس: (دين الأولين). وقال مجاهد: (كذبهم). والمقصود: طريقة الأولين وعادتهم وأخلاقهم في التعامل مع الوحي والمرسلين، فهم سائرون على نهجهم، يعيشون كما عاشوا، ويموتون كما ماتوا، ولا يؤمنون ببعث ولا نشور ولا حساب.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾. أي: لا يقرّونَ بالعذاب الذي كتبه الله على مخالفة الرسل سواء في الدنيا أو الآخرة.
وقوله تعالى: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.
أي: فلما كذبت عاد هودًا أهلكناهم بريح صرصر عاتية، أي: شديدة الهُبوب، ذات برد شديد قارس، فكان الجزاء من جنس العناد والعتو والتجبر، وتركهم الله عبرة لمن يعتبر، وكان قد سبق في علم الله أن أكثرهم لا يؤمنون.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ [فصلت: ١٥].