والكبراء دعاة الشرك والبطر فيكم، الذين يسعون في أرض الله بالمعاصي والآثام، ولا يصلحون أنفسهم ولا ما يعود نفعه بخير على الأنام.
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾. قال مجاهد وقتادة: (إنما أنت من المسحورين). قال القرطبي: (أي: أصبت بالسحر فبطل عقلك، لأنك بشر مثلنا فلِمَ تدّع الرسالة دوننا).
وقوله تعالى: ﴿مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾.
قال ابن عباس: (قالوا إن كنت صادقًا فادع الله يخرج لنا من هذا الجبل ناقة حمراء عشراء (١) فتضع ونحن ننظر، وترد هذا الماء فتشرب وتغدو علينا بمثله لبنا). فدعا الله وفعل الله ذلك.
وقوله تعالى: ﴿قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥) وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾.
أي: هذه ناقة أخرجها الله لكم ترِدُ ماءكم يومًا، ويومًا تردونه أنتم، ليس لكم في يوم وردها أن تشربوا من شربها شيئًا، ولا لها أن تشرب في يومكم مما لكم شيئًا. ولا تنالوها بضرب أو أذى فينالكم عذاب أليم. قال ابن جرير: (ويعني بالشرب: الحظّ والنصيب من الماء).
وعن ابن جريج: (﴿وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ﴾ لا تعقروها. وقوله: ﴿فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ يقول: فيحل بكم من الله عذاب يوم عظيم عذابه).
وقوله تعالى: ﴿فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (١٥٧) فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ﴾.
أي: فانبعث أشقاهم فعقرها برضاهم فأصبحوا نادمين على عقرها خوفًا من نزول العذاب بهم وحلول النقمة عليهم.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٥٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.
أي: إن في خبر ثمود لعبرة كبيرة، وقد سبق في علم الله أن أكثرهم لا يؤمنون. وإن ربك - يا محمد - هو العزيز في انتقامه من أعدائه، الرحيم بإنجائه أولياءه.