وقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ﴾. قال مجاهد: (الخليقة). وقال ابن زيد: (الخَلْقَ الأولين، الجبلة: الخَلْق). قال ابن كثير: (يُخَوِّفهم بأس الله الذي خلقهم وخَلَقَ آباءهم الأوائل).
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾ - يعنون من المسحورين. وهذا كقيل ثمود لرسولها من قبل، تشابهت قلوبهم، فهم يلجؤون عند إفلاس حججهم إلى الاتهام والمكر.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ﴾.
أي: وما أنت إلا بشر مثلنا تأكل وتشرب، ومن ثَمَّ فلا يُعقل اصطفاؤك من بيننا. قال القاسمي: (﴿وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ أي: فيما تدّعيه من النبوة).
وقوله تعالى: ﴿فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾.
أي: فأسقط علينا قطعًا من السماء إن كنت صادقًا في دعواك النبوة. قال ابن عباس: (﴿كِسَفًا﴾ يقول: قِطعًا). وقال الضحاك: (جانبًا من السماء). وقال ابن زيد: (﴿فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ﴾: ناحية من السماء، عذاب ذلك الكسف). وقال السدي: (عذابًا من السماء).
وقوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.
قال القرطبي: (تهديد، أي إنما عليَّ التبليغ وليس العذاب الذي سألتم إليّ وهو يجازيكم). وقال ابن كثير: (يقول: الله أعلمُ بكم، فإن كنتم تستحقون ذلك جازاكم به غيرِ ظالم لكم. وكذلك وقع بهم كما سألوا، جزاءً وفاقًا، ولهذا قال تعالى: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾. وهذا من جنس ما سألوا من إسقاط الكِسف عليهم، فإن الله - سبحانه وتعالى - جعل عقوبتهم أن أصابهم حَرٌّ شديد جدًّا مُدَّةَ سبعة أيام لا يَكُنُّهم منه شيء، ثم أقبلت إليهم سحابة أَظَلَّتهم، فجعلوا ينطلِقون إليها يستظِلّون بِظِلّها من الحر، فلما اجتمعوا كلهم تحتها أرسل الله تعالى عليهم منها شَرَرًا من نار، ولهبًا وَوَهجًا عظيمًا، ورجفت بهم الأرض، وجاءتهم صيحة عظيمة أزهقت أرواحهم، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾.
وعن مجاهد: (﴿عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ﴾ قال: أظلّ العذابُ قوم شعيب).
وقال ابن زيد: (بعث الله إليهم ظُلة من سحاب، وبعث إلى الشمس فأحرقت ما