فقال: أشهد أنك رسول الله وأنك جئت بحق، وقد علمت يهودُ أني سيدهم وابن سيِّدهم وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا فِيَّ ما ليس فِيَّ، فأرسل نبي الله - ﷺ - فأقبلوا فدخلوا عليه فقال لهم رسول الله - ﷺ -: يا معشر اليهود! وَيْلكم اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقًّا، وأني جئتكم بحق فأسلموا. قالوا: ما نَعْلَمُهُ. قالوا للنبي - ﷺ -، قالها ثلاثَ مرار. قال: فأيُّ رجل فيكم عبدُ الله بنُ سلام؟ قالوا: ذاكَ سيدنا وابن سيدنا، وأعلمُنا وابن أعلمنا. قال: أفرأيتم إن أسلم؟ قالوا: حاشى لله ما كان لِيُسْلِم. قال: أفرأيتم إن أسلم؟ قالوا: حاشى لله ما كان ليسلم. قال: أفرأيتم إن أسلم؟ قالوا: حاشى لله ما كانَ لِيُسْلِم. قال: يا ابن سلام أخرج عليهم. فخرج فقال: يا معشر اليهود اتقوا الله، فو الله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنَّه رسول الله وأنه جاء بحق. قالوا: كذبت، فأخرجهم رسول الله - ﷺ -] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ﴾.
الأعجم هو الذي لا يفصح، وكذلك الأعجمي، ففيه زيادة ياء النسبة للتأكيد.
قال القاسمي: (أي: ولو نزلناه بنظمه البديع على بعض الأعاجم الذي لا يحسن العربية، فقرأه عليهم قراءة فصيحة، انفتق لسانه بها، خرقًا للعادة، لكفروا به كما كفروا. ولتمحّلوا لجحودهم عذرًا. ولسموه سحرًا، لفرط عنادهم).
وقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾.
قال ابن جريج: (﴿كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ﴾ قال الكفر ﴿فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾). وقال عكرمة: (القسوة). وقال يحيى بن سلّام: (سلكنا التكذيب في قلوبهم، فذلك الذي منعهم من الإيمان).
والمقصود: كذلك أدخلنا في قلوب المجرمين ترك الإيمان بهذا القرآن، والجدال بالباطل لمحاربته، ليذوقوا وبال عنادهم وتكبرهم عذابًا أليمًا في عاجل الدنيا ويوم القيامة.