طَلِبَتهم، لأنَّ من سَجَاياهم الفساد وإضلال العباد، وهذا فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونورٌ وهدى وبرهان عظيم، فبينه وبين الشياطين منافاةٌ عظيمة).
الوجه الثاني: ﴿وَمَا يَسْتَطِيعُونَ﴾. أي: ولو انبغى لهم لما استطاعوا ذلك. قال النسفي: (وما يتسهل لهم ولا يقدرون عليه). وقال ابن جرير: (يقول: وما يستطيعون أن يتنزلوا به، لأنهم لا يصلون إلى استماعه في المكان الذي هو به من السماء).
الوجه الثالث: ﴿إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ﴾. قال القرطبي: (أي برمي الشهب).
والمقصود: إنهم عن استراق السمع أصبحوا ممنوعين بعد بعثة النبي - ﷺ -.
ففي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ﴾ [الملك: ٥].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ﴾ [الحجر: ١٦: ١٨].
٣ - وقال تعالى: ﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [فصلت: ١٢].
وفي الصحيحين عن ابن عباس قال: [انطلق رسول الله - ﷺ - في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين. فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب. قال: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا ما حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الأمر الذي حدث، فانطلقوا فضربوا مشارق الأرض ومغاربها ينظرون ما هذا الأمر الذي حال بينهم وبين خبر السماء. قال: فانطلق الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله - ﷺ - بنخلة وهو عامد إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر. فلما سمعوا القرآن تسمعوا له فقالوا: هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا: يا قومنا إنا سمعنا قرآنا عجبًا] الحديث (١).
٢١٣ - ٢٢٠. قوله تعالى: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (٢١٣)