فَتَسْمَعُهُ، فتوحيه إلى الكُّهان، فيكذِبُون معها مئة كَذْبَةٍ من عِنْد أنفسهم].
وقوله تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾. قال مجاهد: (الشياطين).
وقال قتادة: (يتبعهم الشياطين). وقال عكرمة: (عصاة الجن). وقال ابن زيد: (الغاوون المشركون). وعن ابن عباس قال: (كان رجلان على عهد رسول الله - ﷺ -: أحدهما من الأنصار، والآخر من قوم آخرين، وأنهما تهاجيا، وكان مع كل أحد منهما غواة من قومه، وهم السفهاء، فقال الله: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ﴾).
قال ابن جرير: (إن شعراء المشركين يتبعهم غواة الناس، ومردة الشياطين، وعصاة الجن).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ الرجل قَيْحًا يَرِيهِ، خيرٌ مِنْ أن يَمْتَلِئَ شِعْرًا] (١).
وفي صحيح مسلم ومسند أحمد عن أبي سعيد الخدري قال: [بَيْنا نحنُ نَسيرُ مع رسول الله - ﷺ - بالعَرْج (٢)، إذ عَرَضَ شاعِرٌ يُنْشِدُ، فقال رسول الله - ﷺ -: خذوا الشيطان، أو أمسكوا الشيطان؛ لأنَّ يَمْتَلِئَ جوفُ رَجُلٍ قَيْحًا، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا] (٣).
والخلاصة: لا يتبع شعراء الجاهلية إلا الغاوون وهم السفهاء أو الراوون أو الشياطين أو المشركون، فإنهم يتبعونهم على باطلهم وكذبهم وتمزيق الأعراض والقدح في الأنساب ومدح من لا يستحق المدح وغير ذلك من وجوه الفساد.
وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ﴾. أي: في كل واد من الكلام يخوضون ويتحدثون.
قال ابن عباس: (في كُلِّ لَغْوٍ يخوضون). وقال الضحاك عن ابن عباس: (في كُلِّ فَنٍّ من الكلام). وقال مجاهد: (في كل فن يَفْتَنُّون). وقال قتادة: (يمدحون قومًا بباطل، ويشتمون قومًا بباطل).
(٢) العَرْج: قرية جامعة من عمل الفرع على نحو ثمانية وسبعين ميلًا من المدينة.
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٢٢٥٩) - كتاب الشعر، باب: في إنشاد الأشعار وبيان أشعر الكلمة وذم الشعر. وانظر مسند أحمد (٣/ ٨)، (٣/ ٤١).