ثمَّ التفتَ إلى أبي هريرة، فقال: أنشُدُكَ الله أسَمِعْتَ رسولَ الله - ﷺ - يقول: أَجِبْ عَنِّي، اللهمَّ! أَيِّدْهُ بِروحِ القُدُسِ؟ قال: اللهمَّ! نَعَم] (١).
الحديث الرابع: أخرج مسلم عن عائشة قالت: [قال حَسَّانُ: يا رسولَ الله! ائذن لي في أبي سفيان. قال: كَيْفَ بقرابتي مِنْه؟ قال: والذي أَكْرَمك! لأَسُلَّنَكَ منهم كما تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الخَميرِ، فقال حسّان:

وإنَّ سَنَامَ المَجْدِ مِنْ آل هاشِم بنو بِنْتِ مَخزُومٍ، ووالِدكَ العَبْدُ
قصيدته هذه (٢)]. وفي رواية: [والذي بعثك بالحق! لأسُلَّنَكَ منهم كما تُسَلُّ الشعرة من العجين. قالت عائشة: فسمعت رسول الله - ﷺ - يقول لحسان: "إن روح القدس لا يزال يؤيِّدُكَ، ما نافَحْتَ عن الله ورسوله". وقالت: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: "هجاهم حَسّانُ فشفى واشتفى"] (٣).
الحديث الخامس: أخرج الترمذي بسند صحيح عن أنس: [أن النبي - ﷺ - دخل مكة في عمرة القضاء، وعبد الله بن رواحة بين يديه يمشي وهو يقول:
خَلُّوا بني الكُفَّار عن سبيلهِ اليَوْمَ نَضْرِبْكُم على تَنْزيله
ضَرْبًا يزيل الهامَ عَنْ مَقِيْلِهِ ويُذْهِلُ الخليلَ عنْ خليلِهِ
فقال له عمر: يا ابن رواحة، بين يدي رسول الله - ﷺ - وفي حرم الله تقول الشعر؟ فقال رسول الله - ﷺ -: خَلِّ عَنْهُ يا عُمر فلهي أسْرَعُ فيهم مِنْ نَضْحِ النَّبْل] (٤).
وقوله: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾. تهديد لمن انتصر بظلم.
(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٤٨٥) - كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل حسان بن ثابت.
(٢) وبعد هذا بيت لم يذكره مسلم وبذكره تتم الفائدة وهو:
ومن ولدت أبناء زهرة منهم كرام ولم يقرب عجائزك المجد
وقوله: "بنت مخزوم": أي فاطمة أم عبد الله والزبير وأبي طالب. وقوله: "أبناء زهرة منهم": أي هالة بنت وهب بن عبد مناف أم حمزة وصفيّة. وقوله: "العبد" سب لأبي سفيان بن الحارث لأنَّ أم الحارث وهي سمية بنت موهب، وموهب غلام لبني عبد مناف، وكذا أم أبي سفيان كانت كذلك وهو مراده بقوله: "ولم يقرب عجائزك المجد". والحديث رواه مسلم (٢٤٨٩) - الباب السابق.
(٣) حديث صحيح. انظر صحيح مسلم - حديث رقم - (٢٤٩٠) - كتاب فضائل الصحابة، الباب السابق - في أثناء حديث طويل.
(٤) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٣٠١٧) في السنن. باب ما جاء في إنشاد الشِّعر، وانظر صحيح سنن الترمذي (٢٢٨٣)، وكتابي: السيرة النبوية (٢/ ١١٨٨ - ١١٨٩).


الصفحة التالية
Icon