وقوله: ﴿إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ﴾. قال الحسن: (وهي بلقيسُ بنتُ شُراحِيلَ ملكة سبأ). قال القرطبي: (ويقال: كيف خفي على سليمان مكانها وكانت المسافة بين محطِّهِ وبين بلدها قريبة، وهي من مسيرة ثلاث بين صنعاء ومأرب؟ والجواب أن الله تعالى أخفى ذلك عنه لمصلحة، كما أخفى على يعقوب مكان يوسف).
وقوله: ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ مبالغة، والمقصود: أعطيت من كل شيء تحتاج إليه أمور مملكتها وقوام حكمها، شأن كل ملك متمكِّن. قال الحسن: (يعني: من كل أمر الدنيا).
وقوله: ﴿وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾. قال ابن عباس: (سرير كريم، قال: حَسن الصَّنعة، وعرشها: سرير من ذهب قوائمه من جوهر ولؤلؤ).
وقال الحسن: (﴿وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾: يعني سرير عظيم).
وقوله: ﴿وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ﴾.
قال ابن جرير: (يقول: وجدت هذه المرأة ملكة سبأ، وقومها من سبأ، يسجدون للشمس فيعبدونها من دون الله. وقوله: ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ﴾ يقول: وحَسَّن لهم إبليس عبادتهم الشمس، وسجودهم لها من دون الله، وحبب ذلك إليهم).
وقوله: ﴿فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ﴾.
أي: فمنعهم بتحسينه وتزيينه لهم من اتباع الصراط المستقيم، وهو دين الله القويم، فهم لا يهتدون إلى طريق الحق، بل هم في غَيِّهم يترددون.
وقوله: ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾.
قال ابن عباس: (يعلم كل خبيئة في السماء والأرض).
وقد قرأ بعض قراء مكة والمدينة والكوفة ﴿أَلَّا﴾ بالتخفيف. والتقدير: ألا يا هؤلاء اسجدوا لله وحده الذي يعلم كل خفية في السماوات والأرض فيخرجها إن شاء.
وقرأ أبو عمرو ونافع وعاصم وحمزة ﴿أَلَّا﴾ بالتشديد. والتقدير: وزيَّنَ لهم الشيطان أعمالهم لئلا يسجدوا لله.
وهما قراءتان مستفيضتان مشهورتان في قراء الأمصار، كما ذكر شيخ المفسرين.
وعن مجاهد: (﴿يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ قال: الغيث).