[ما بين النفختين أربعون. قالوا: يا أبا هريرة أربعون يومًا؟ قال: أبيت (١). قالوا: أربعون شهرًا؟ قال: أبيت. قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت. ثم يُنْزِلُ اللهُ من السماء ماء فينبتون كما ينبتُ البقلُ. قال: وليس من الإنسان شيء لا يبلى إلا عَظمًا واحدًا وهو عَجْبُ الذنب (٢) ومنه يركب الخلق يوم القيامة] (٣).
الحديث الثالث: أخرج الإمام مسلم في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - ﷺ -: [يخرج الدجال في أمتي فيمكث فيهم أربعين لا أدري أربعين يومًا أو أربعين شهرًا أو أربعين عامًا أو أربعين ليلة، فيبعث الله تعالى عيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام كأنه عروة بن مسعود الثقفي فيظهر فيهلكه الله تعالى. (وفي رواية: فيطلبه فيهلكه). ثم يلبث الناس بعده سنين سبعًا ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله تعالى ريحًا باردة من قبل الشام فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلت عليه. ويبقى شرار الناس في خفة الطير (٤) وأحلام السباع (٥)، لا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرًا. قال: فيتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان فيعبدونها، وهم في ذلك دارَّة أرزاقهم حسن عيشهم، ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتًا ورفع ليتًا - أي: أمال صفحة عنقه - وأول من يسمعه رجل يلوط حوضه - أي: يصلحه ويطينه - فيصعق، ثم لا يبقى أحد إلا صعق، ثم يرسل الله تعالى مطرًا كأنه الطل فتنبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون. ثم يقال: أيها الناس، هلموا إلى ربكم ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ﴾ ثم يقال: أخرجوا بعث النار، فيقال كم؟ فيقال: من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعين، فيومئذ تبعث الولدان شيبًا، ويومئذ يكشف عن ساق] (٦).
وقوله: ﴿إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾. قال أبو هريرة: "هم الشهداء" - رواه ابن جرير.
(٢) عجب الذنب: هو العظم بين الأليتين أسفل الصلب.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٨١٤)، كتاب التفسير، وأخرجه مسلم (٢٩٥٥/ ١٤١).
(٤) المراد سرعتهم للشرور والشهوات والفساد والإفساد كسرعة الطير.
(٥) المراد بذلك العدوان والظلم كالسباع الضارية العادية.
(٦) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٩٤٠)، وأحمد (٢/ ١٦٦)، وأخرجه النسائي في "الكبرى" (١١٦٢٩)، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (٧٣٥٣).