فقوله: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا﴾.
قال ابن عباس: (فارغًا من كل شيءٍ إلا من همّ موسى). قال: (لا تذكرُ إلا موسى). وقال مجاهد: ﴿فَارِغًا﴾ من كل شيءٍ غير ذكر موسى).
وقوله: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾ قال قتادة: (أي لتبدي به أنه ابنها من شدةِ وجدها). والمقصود: أي: إن كادت من شدة حزنها وأسفها لتظهر أنه ذهبَ لها ولد، وتعلنَ بحالها، لولا تثبيت الله لها وتصبيرها.
وهو قوله: ﴿لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
قال القاسمي: (أي: لولا أن ألهمناها الصبر. ومعنى ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ من المصدقين بوعد الله).
وقوله: ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾. قال مجاهد: (اتبعي أثره كيف يصنع به).
أي: أمرت أم موسى ابنتها - وكانت كبيرة تعي ما يجري حولها - أن تتبع أثر ابنها في نواحي البلد. وفي لغة العرب: قصصت آثار القوم: إذا اتبعتُ آثارهم.
وقوله: ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ﴾. قال ابن عباس: (عن جانب). وقال مجاهد: (عن بُعد). وقال قتادة: (يقول: بصرت به وهي محاذيته لم تأته). وقال: (جعلت تنظر إليه وكأنها لا تُريد).
قال ابن كثير: (وذلك أنه لما استقرّ موسى عليهِ السلام بدار فِرعون، وأَحَبَّتْهُ امرأةُ الملك، واستطلقته منه، عَرَضوا عليهِ المراضعَ التي في دارهم، فلم يقبل منها ثَدْيًا، وأبى أن يقبلَ شيئًا من ذلكَ. فخرجوا به إلى السوق لَعلَّهم يجدون امرأة تصلح لرضاعته، فلما رأته بأيديهم عرفته. ولم تُظْهِر ذلكَ ولم يشعروا بها).
وقوله: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾. قال قتادة: (أنها أخته، قال: جعلت تنظرُ إليهِ كأنها لا تُريده). وقال ابن إسحاق: (أي: لا يعرفون أنها منه بسبيل). وقال مجاهد: (﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ قال: آل فرعون).
وقوله: ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ﴾. أي: تحرًا قدريًا ليمتن الله على أمه بتسكين نفسها وتطمين قلبها حين لا يقبل إلا ثديها. قال مجاهد: (لا يقبل ثدي امرأةٍ حتى يرجعَ إلى أمه).
قال السدي: (أرادوا له المرضعات، فلم يأخذ من أحد من النساء، وجعل النساء


الصفحة التالية
Icon