الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (٢٨)}.
في هذه الآيات: قصة موسى عليه السلام والمرأتين وسقايته لهما، ودعوةُ والد الفتاتين موسى إلى بيتهِ وتزويجه إحداهما.
فقوله: ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ﴾.
قال السدي: (يقول: كثرةُ من الناس يسقون). وقال ابن إسحاق: (وقع إلى أمة من الناس يسقون بمدين أهل نعم وشاء).
والمقصود: لما وصل موسى عليهِ السلام إلى مدين وورد بئرًا فيها كانت ترده رعاء الشاء، وجد جماعة من الناس قائمين على ذلكَ الماء يسقون مواشيهم ونعمهم.
وقوله: ﴿وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ﴾. الذود: الطرد والدفع. قال ابن عباس: (تحبسان). وقال السدي: (تحبسان غنمهما). والمقصود: تحبسان غنمهما لئلا تختلط مع غنم القوم.
قال النسفي: (تطردان غنمهما عن الماء، لأن على الماء من هو أقوى منهما فلا تتمكَّنان من السقي، أو لئلا تختلط أغنامهما بأغنامهم).
وقوله: ﴿قَالَ مَا خَطْبُكُمَا﴾. قال ابن عباس: (قال لهما: ﴿مَا خَطْبُكُمَا﴾ معتزلتين لا تسقيان مع الناس).
أي: لما رآهما موسى عليه الصلاة والسلام رقَّ لهما وتوجه إليهما مستخبرًا عن شأنهما لماذا لا ترِدان مع هؤلاء؟