٢ - وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [المائدة: ٦٧].
فتبليغُ آيات الله وهديه وهدي رسوله - ﷺ - فيه عناية الله ورعايته وتوفيقه.
أخرج الترمذي بإسناد حسن عن عائشة قالت: [كان النبي - ﷺ - يُحرَسُ حتى نزلت هذه الآية: ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾. فأخرج رسول الله - ﷺ - رأسه من القبةِ، فقال لهم: يا أيها الناس انصرفوا، فقد عصمني الله] (١).
وقوله: ﴿أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴾.
قال الأخفش: (بآياتنا). واختاره ابن جرير، والتقدير: أنتما ومن اتبعكما الغالبون بآياتنا. فالباء في قوله: ﴿بِآيَاتِنَا﴾ من صلة غالبون. قال المهدوي: (وفي هذا تقديم الصلة على الموصول).
والمقصود الأعم: أنتما -يا موسى وهارون- ومن تابعكما على الحق ومنهج النبوة ستحفلون بالنصر والتأييد والغلبة على عدوكم.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [المجادلة: ٢١].
٢ - وقال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ [غافر: ٥١].
قلت: وهذه البشارة بالنصر والتمكين لفئة الحق على منهاج النبوة قد بُثَّت إلى أمة نبينا المصطفى - ﷺ - في أحاديث:
الحديث الأول: روى مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة مرفوعًا: [لا يزالُ هذا الدين عزيزًا منيعًا إلى اثني عَشَرَ خَليفة. كلهم من قريش] (٢).
الحديث الثاني: روى مسلم عن جابر بن عبد الله يقول: سمعت النبي - ﷺ - يقول: [لا تزال طائفةٌ من أمتي يُقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. قال: فينزل عيسى
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٨٢١) ح (٩) - كتاب الإمارة. باب الناس تبع لقريش، والخلافة في قريش. وانظر كذلكَ ح (٥)، ح (٦)، ح (٧)، ح (٨).