الحديث الثاني: أخرج الترمذي بسند حسن من حديث أبي هريرةَ مرفوعًا: [إذا قُبِرَ الميتُ أتاهُ ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر، وللآخر النكير، فيقولان: ما كنت تقولُ في هذا الرجل؟ فيقول: ما كانَ يقول: هو عبد الله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول] (١).
قال: [وإن كان منافقًا قال: سمعتُ الناس يقولون قولًا فقلتُ مثلهُ، لا أدري].
وفي لفظ عند ابن ماجة: [فيقال له: ما هذا الرجل؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولًا فقلته].
الحديث الثالث: أخرج ابن ماجة بسند صحيح من حديث أبي هريرةَ عن النبي - ﷺ - قال: [فيجلس الرجل الصالح في قبره، غيرَ فزع ولا مَشْعوف -الشعف: شدة الفزع- ثم يقال له: فيمَ كنتَ؟ فيقول: كنتُ في الإسلام، فيقالُ لهُ: ما هذا الرجل؟ فيقول: محمد رسول الله - ﷺ - جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه، فيقالُ لهُ: هل رأيتَ الله؟ فيقول: ما ينبغي لأحدٍ أن يرى الله] (٢).
والخلاصة: يُسأل الرجل في قبره عن رسول الله - ﷺ - بعد أن يُسأل عن أصول دينه: معرفة الله ودينه وبعض الصفات الموافقة لمنهج التوحيد.
ورحم اللهُ القائل:

فَواحَرَّ قَلبي من جهول مُسَوَّدٍ بهِ يُقتدى في جهله لشقائه
إذا قلت قول المصطفى هو مذهبي متى صَحَّ عندي لم أقل بسوائهِ
يرى أنها دعوى اجتهاد صحيحة فواعجبًا من جَهْلِهِ وجفائه
فسَلْهُ أَقَوْلُ الله ماذا أجبْتُم لمن هو يوم الحشر عند ندائه
أيسألهم ماذا أجبتم مُلوكَكُمْ وما عَظَّمَ الإنسانُ من رؤسائه
أم الله يوم الحشر يمتحن الورى بماذا أجابوا الرُّسْلَ من أنبيائه
وهل يُسألُ الإنسان عن غير أحمد إذا ما ثوى في الرّمْسِ تحتَ ثرائه
وهل قوْلُه يا ربّ قَلَّدْتُ غيره لدى الله عُذْرٌ يوم فصل قضائه
(١) حديث حسن أخرجه الترمذي (٢/ ١٦٣)، وابن أبي عاصم في "السنة" (٨٦٤)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة -حديث رقم- (١٣٩١).
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة في السنن (٤٢٦٨)، وانظر صحيح الجامع الصغير (١٩٦٤).


الصفحة التالية
Icon