سَمِعْتُهُ من رسول الله - ﷺ -، سَمِعَتْهُ أُذُنايَ وَوَعاهُ قلبي] (١).
وقوله: ﴿وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾.
قال ابن عباس: (﴿وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ﴾ قال: آناء الليل: جوف الليل). وقال الحسن: (من أوّله، وأوسطه، وآخره). والمقصود: ومن ساعات الليل فتهجد به، ومن أطراف النهار فسَبِّح كذلك لعلك ترضى بثواب الله لك.
وعن قتادة: (﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ﴾ قال: هي صلاة الفجر ﴿وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ قال: صلاة العصر. ﴿وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ﴾ قال: صلاة المغرب والعشاء. ﴿وَأَطْرَافَ النَّهَارِ﴾ قال: صلاة الظهر). وعن ابن زيد: (﴿لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾ قال: الثواب، ترضى بما يثيبك الله على ذلك).
قال النسفي: (﴿لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾ أي اذكر الله في هذه الأوقات رجاء أن تنال عند الله ما به ترضى نفسك ويسر قلبك).
قلت: والخطاب وإن كان للنبي - ﷺ - بالصبر وإقامة الصلوات المكتوبة، والتماس الصلوات النافلة - مما يعين على مواجهة الأذى والمحن -، فهو للأمة من باب الأولى. والعاقبة رضوان الله تعالى.
ففي الصحيحين والمسند من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تُعْطِ أحدًا من خلقك؟ فيقول: أنا أُعطيكم أَفْضلَ من ذلك، قالوا: يا ربَّ وأيُّ شيء أفضلُ من ذلك؟ فيقول: أُحِلُّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا] (٢)،
١٣١ - ١٣٢. قوله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح - حديث رقم - (٦٣٤)، كتاب المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما. ورواه أبو داود (٤٢٧)، والنسائي (١/ ٢٣٥)، وأحمد (٤/ ١٣٦)، وابن حبان (١٧٤٠).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٥٤٩)، كتاب الرقاق، وكذلك (٧٥١٨)، وأخرجه مسلم (٢٨٢٩)، وأحمد (٣/ ٨٨)، والترمذي (٢٥٥)، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (٢٨٢).


الصفحة التالية
Icon