يا رسولَ الله! قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وهي راغِبَةٌ، أفأصِلُ أُمِّي؟ قال: نعم، صِلي أُمَّكِ] (١).
الحديث الثاني: أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بأن مسعود رضي الله عنه قال:
[سألت النبي - ﷺ -: أيُّ العمل أحَبُّ إلى الله تعالى؟ قال: الصلاةُ على وَقْتِها. قُلْتُ: ثُمَّ أيُّ؟ قال: بِرُّ الوالدين. قلتُ: ثُمَّ أيُّ؟ قال: الجهادُ في سبيل الله] (٢).
الحديث الثالث: روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: [لا يَجْزيَ ولدٌ والِدًا إلا أن يَجِدَهُ مَمْلوكًا، فَيَشْتَرِيَهُ، فيُعْتِقَهُ] (٣).
وقوله تعالى: ﴿إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ﴾.
أي: المرجع والمآل إليه تعالى فيجازي عباده بأعمالهم، فالذين صدقوه الإيمان وأكدوا ذلك بالعمل الصالح سيدخلهم سبحانه في كرامة عباده الصالحين.
وفي الآية فائدة جليلة، فإنه تعالى عطف العمل الصالح على بر الوالدين، وكأنّ المقصود أن أفضل ذلك العمل بعد الإيمان بالله هو مباشرة رضي الوالدين، فهو طريق السعادة في الدارين.
أخرج البخاري في "الأدب المفرد" بإسناد صحيح عن ابن عباس، أنَّهُ أتاه رجل فقال: [إني خَطَبْتُ امرأةً فَأبَتْ أن تَنْكِحَني، وخطبها غيري فأحَبَّتْ أن تنكِحَهُ، فَغِرْتُ عليها فقتلتها، فهل لي من توبة؟ قال: أمُّكَ حيَّة؟ قال: لا، قال: تُبْ إلى الله عَزَّ وجلَّ، وتقرَّب إليه ما استطعت. قال عطاء بن يسار: فذهبت فسألت ابن عباس: لِمَ سمألته عن حياة أُمِّهِ؟ فقال: إنِّي لا أعلمُ عملًا أقربُ إلى الله عزَّ وجَل مِنْ برِّ الوالدة] (٤).
ثم روىَ في باب: "لين الكلام لوالديه" - عن طَيْسَلَةَ بن مَيّاس قال: [كنتُ في النَّجدات (٥)، فأصبْتُ ذنوبًا لا أراها إلا من الكبائر، فذكرت ذلك لابن عمر قال: ما هي؟ قلت: كذا وكذا. قال: ليست هذه من الكبائر، هن تسع: الإشراك بالله، وقتل
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في صحيحه (١٠/ ٣٣٦)، وأخرجه مسلم في الصحيح (٨٥).
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٥١٠)، وأبو داود (٥١٣٧)، والترمذي (١٩٠٧).
(٤) حديث صحيح. أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (٤) - باب بر الأم. وسنده صحيح.
(٥) النَّجدات: أصحاب نجدة بن عامر الخارجي، وهم قومٌ من الحروريّة.