وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (١٣)}.
في هذه الآيات: استهتارُ الكافرين يحمل الذنوب وسيعلمون مغبة ما يستهزئون.
إنهم سيحملون يوم القيامة أوزارهم وأوزار من أضلوا وليسألن يومئذ كما كانوا يفترون.
فقوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ﴾.
قال مجاهد: (قول كفار قريش بمكة لمن آمن منهم. يقول: قالوا: لا نبعث نحن ولا أنتم، فاتبعونا إن كان عليكم شيء فهو علينا).
وقال الضحاك: (هم القادة من الكفار، قالوا لمن آمن من الأتباع: اتركوا دين محمد واتبعوا ديننا).
والمقصود: أن كفار قريش أرادوا إغراء من آمن منهم واتبع سبيل الهدى بالرجوع إلى دين الآباء الذي كانوا عليه، ويزعمون أن ذلك في رقابهم وهم يتحملون تبعته.
وقوله: ﴿وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾. تكذيب من الله تعالى لهم. فإنه لا يحمل أحد وزر أحد، ولا يستطيع أحد أن يقف يوم القيامة ويقول: عليّ فلان.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ [فاطر: ١٨].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ [المعارج: ١٠ - ١١].
٣ - وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٤ - ٣٧].
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: [قام رسول الله - ﷺ - حين أنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)﴾ [الشعراء: ٢١٤] قال: يا معشر قريش اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا بني عبدِ مَنَاف لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا عباس بنَ عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئًا، ويا صفية عمَّة رسول الله لا أغني