سَابِقِينَ} أي: فائتين لله سبحانه، بل لحقهم عذابه فدمرهم تدميرًا).
وقوله: ﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا﴾.
قال ابن عباس: (﴿فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا﴾ قوم لوط). أي: أمطر الله عليهم حجارة من سجيل منضود. قال ابن جرير: (والعرب تسمي الريح العاصف التي فيها الحصى الصغار أو الثلج أو البَرَد والجليد حاصبًا).
وعن ابن جريج، عن ابن عباس: (﴿وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ﴾ قال: ثمود). وقال قتادة: (قوم شعيب). ولا شك أن ثمود ومدين قد أخذتهم الصيحة فيشملهما الإخبار.
وعن ابن عباس قال: (﴿وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ﴾ قارون، ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا﴾ يعني قوم نوح وفرعون وقومه).
والخلاصة: لقد أخذ الله جميع هؤلاء الأقوام بذنوبهم، فكانت عقوبة كل منهم بما يناسب ظلمهم، فقدم عاد طغوا وقالوا من أشد منا قوة؟ فأزاحتهم ريح عاتية محملة بالحصباء ترفع الرجل منهم عاليًا ثم تنكسه على رأسه فتشدخُه، فيبقى بدنًا بلا رأس كأنهم أعجاز نخل منقعر. وثمود الذين عقروا الناقة وعتوا وتهددوا نبيَّ الله صالحًا ومن آمن معه بأن يخرجوهم ويرجموهم، فجاءتهم صيحة أخمدت أصواتهم وحركاتهم.
وقارون الذي مشى متبخترًا، فرحًا بالمال متكبرًا، فخسف الله به وبداره الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة.
وفرعون الطاغية الذي ادّعى الربوبية وملك البلاد والأنهار والبحار، فسلّط الله عليه مياه اليم فأغرقه وجنوده، وأبقاه عبرة لمن جاء بعده.
وقوله: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾.
قال القرطبي: (لأنه أنذرهم وأمهلهم وبعث إليهم الرسل وأزاح العذر).
٤١ - ٤٣. قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ


الصفحة التالية
Icon