قلت: وأما حديث أكثر من ذكره هنا المفسرون: "مَنْ لم تنْهَهُ صلاتُه عن الفحشاء والمنكر لم يزْدَد بها من الله إلا بُعْدًا"- فهو ضعيف. أخرجه الطبراني وفي سنده ليث بن أبي سُليم قد اختلط. وكذلك حديث: "لا صلاة لمن لم يُطع الصلاة" -فهو ضعيف جدًّا- أخرجه ابن جرير في التفسير، وفيه جويبر متروك متهم، فتَنبَّه.
والمقصود: أَنَّ إِقبال العبد على الله في صلاته بصدق يورثه تعظيم أوامره واجتناب نواهيه، فلا بد أن تأمره صلاته بترك الفحشاء والمنكر.
وقوله: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾. أي: منهاج الذكر أكبر شيء وأجَلُّه، والذي في الصلاة جزء منه، وإنما ذِكْرُهُ تعالى فَوْقَ كُلِّ أَمْر.
ومن أقوال المفسرين في ذلك:
١ - قال ابن عون الأنصاري: (إذا كنت في صلاة فأنت في معروف، وقد حَجَزتك عن الفحشاء والمنكر، والذي أنت فيه من ذكر الله أكبر).
٢ - قال ابن عباس: (يقول: ولذكر الله لعباده أكبر إذا ذكروه من ذكرهم إياه). أو قال: (ولذكر الله إياكم برحمته أكبر من ذكركم إياه بطاعته).
٣ - وقال ابن عطاء: (ذِكْرُ اللهِ لكم أكبر من ذكركم له الآن؛ لأن ذكره بلا علة وذكركم مشوب بالعلل والأماني، ولأن ذكره لا يفنى وذكركم لا يبقى).
٤ - وقال سلمان: (ذكر الله أكبر من كل شيء وأفضل).
٥ - وقيل: ذكر الله أكبر من أن تحويه أفهامكم وعقولكم.
٦ - وقيل: ذكر الله أكبر من تلقي معه معصية. أو ذكر الله أكبر عن الفحشاء والمنكر من غيره.
قلت: والراجح عندي إطلاق اللفظ على حاله، فهو إضافة لأنه يشمل كل ما ذكر، إلا أنه يفيد في تأصيل مفهوم عظيم، وهو أن ذكره تعالى أعلى من كل شيء، بل هو غاية كل عمل صالح. قال تعالى: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾.
فقد أخرج الترمذي بسند صحيح عن أبي الدرداء قال: قال النبي - ﷺ -: [ألا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أعمالِكُمْ وأزكاها عِنْدَ مَليكِكُمْ وأرفَعِها في درجاتِكُم، وخَيْرٌ لكم من إنفاق الذَّهَبِ