الذكر). وممن روى كراهة رفع الصوت عند قراءة القرآن: سعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، والحسن وابن سيرين والنخعي، وكرهه مالك بن أنس، وأحمد بن حنبل.
روى مالك في الصلاة، باب العمل في القراءة، من حديث البياضي رضي الله عنه مرفوعًا - أنه خرج النبي - ﷺ - على أصحابه رضي الله عنهم وهم يرفعون أصواتهم بالقرآن، فكره ذلك وقال: [لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن] (١).
وله شاهد عند أبي داود في السنن، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: [اعتكف رسول الله - ﷺ - في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف السِّتْرَ وقال: ألا كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضًا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة] (٢).
وفي صحيح البخاري عن أبي موسى الأشعري قال: لما غزا رسول الله - ﷺ - خيبر أشرف الناس على واد، فرفعوا أصواتهم بالتكبير: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.
فقال رسول الله - ﷺ -: [ارْبَعُوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصَمَّ ولا غائبًا. إنكم تدعون سميعًا قريبًا وهو معكم] (٣).
ج - عدم الاجتماع على صوت واحد في الذكر.
قال ابن وهب: قلت لمالك رحمه الله: أرأيت القوم يجتمعون فيقرؤون جميعًا سورة واحدة حتى يختموها؟ فأنكر ذلك وعابه وقال: (ليس هكذا كان يصنع الناس إنما كان يقرأ الرجل على الآخر يعرضه) (٤).
ثم ذكر حديث: "لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن". وقال: (ومحال في حقهم أن يكون - ﷺ - نهاهم عن رفع الصوت بالقرآن فيجتمعون للذكر رافعين أصواتهم به).
ثم قال: (وأما قوله - ﷺ -: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله
(٢) رواه أبو داود (١٣٣٢) - في الصلاة، باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" (٢/ ٥٤٣) رقم (٢٦٥٨). وسنده صحيح.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري في صحيحه -حديث رقم- (٤٢٠٢) - كتاب المغازي. باب غزوة خيبر. وانظر كذلك (٢٩٩٢).
(٤) انظر: "المدخل" لابن الحاج (١/ ٩١)، وكتاب: "إنارة الفكر بما هو الحق في كيفيّة الذكر" - البقاعي (ت: ٨٨٥ هـ) (ص ٣٦).