﴿فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (٢٠)﴾.
في هذه الآيات: تأكيد الله خلقه السماوات والأرض بالحق لا باللهو واللعب، وتقرير سنته تعالى في رفع كلمة الحق وإسكات كلمة أهل الكذب، فله سبحانه ما في السماوات والأرض والملائكة في عبادتهم له لا يستحسرون، ينزهونه الليل والنهار لا يفترون.
فقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾.
قال قتادة: (يقول: ما خلقناهما عبثًا ولا باطلًا).
والمقصود: أن الله تبارك وتعالى خلق السماوات والأرض بالعدل والقسط وخلق العباد لتعظيمه وحده لا شريك له وإفراده بالعبودية.
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾ [ص: ٢٧].
٣ - وقال تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الملك: ٢].
وقوله تعالى: ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ﴾.
قال مجاهد: ﴿لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا﴾ من عندنا، وما خلقنا جنة ولا نارًا، ولا موتًا ولا بعثًا).
قال القاسمي: (﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا﴾ استئناف مقرر لما قبله من انتفاء اللعب واللهو. أي لو أردنا أن نتخذ ما يتلهى به ويلعب لاتخذناه من عندنا).
وقال قتادة: (﴿إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ﴾: أي ماكنا فاعلين). وقال مجاهد: (كل شيء في القرآن ﴿إِنْ﴾ فهو إنكار).
وقوله: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾.
قال قتادة: (والحق كتاب الله القرآن، والباطل: إبليس، فيدمغه فإذا هو زاهق: أي ذاهب) أو قال: ﴿زَاهِقٌ﴾: هالك).