بقضائه ملء جهنم من الجِنَّةِ والناس أجمعين. ليذوقوا وبال أمرهم وعذاب الخزي الذي كانوا به يكذبون.
فقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ﴾.
قال الضحاك: (يقول: أئذا كنا عظامًا ورفاتًا أنبعث خلقًا جديدًا؟ يكفرون بالبعث).
وعن مجاهد: (﴿أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ﴾ يقول: أئذا هلكنا).
وقوله: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾.
قال قتادة: (ملك الموت يتوفاكم، ومعهُ أعوان من الملائكة).
وفي المسند وسنن أبي داود بسند صحيح من حديث البراء مرفوعًا: [وإن العبد الكافر (وفي رواية: الفاجر) إذا كانَ في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليهِ من السماء ملائكة غلاظ شداد، سود الوجوه، معهم المسوح (١) من النار، فيجلسون منه مدّ البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبلول.. فيأخذها، فإذا أخذها، لم يدعوها في يده طرفة عينٍ حتى يجعلوها في تلك المسوح] (٢).
وقوله: ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾. أي يوم بعثكم من قبوركم للحساب والجزاء.
وقوله: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ﴾. قال ابن زيد: (قد حزنوا واستحيوا). أي: ولو ترى - يا محمد - حال المشركين يوم القيامة الذين أنكروا البعث والقصاص وهم يقفون بين يدي ربهم حقيرين أذلاء صاغرين، ناكسي رؤوسهم من الحياء والخجل والذل الذي غشيهم.
وقوله: ﴿رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ﴾.
أي: يقولون ربنا نحنُ الآن أبصرنا الوعد الحق ونعاهدكَ أن نسمعَ قولك ونطيع أمرك ونتبع رسلكَ، فائذن لنا بالرجوع إلى الدار الدنيا نعمل صالحًا فنحن الآن موقنون مؤمنون.
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٤/ ٢٨٧ - ٢٨٨)، (٤/ ٢٩٥ - ٢٩٦)، وأبو داود (٢/ ٢٨١)، وأخرجه الحاكم (١/ ٣٧ - ٤٠)، والطيالسي (رقم ٧٥٣) - في أثناء حديث طويل.