أُكْرِمْكَ وأسَوِّدْكَ وأزوجْكَ وأسخِّر لكَ الخَيْلَ والإبلَ وأذَرْكَ تَرْأَسُ وتربَعُ؟ فيقول: بلى أي ربِّ، قال: فيقول: أفظنَنْتَ أنَّكَ مُلاقيَّ؟ فيقول: لا. فيقول: فإني أنساكَ كما نسيتني] (١).
وقد مضى نحوه عند الترمذي وفي لفظه: [اليوم أنساكَ كما نسيتني]. ومعناهُ كما قال أبو عيسى: (اليومَ أتركك في العذاب. قال: وكذا فسّرَ بعض أهل العلم هذه الآية: ﴿فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ﴾ [الأعراف: ٥١]. قالوا: معناه: اليوم نتركهم في العذاب).
وقوله: ﴿وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
قال ابن جرير: (يقال لهم أيضًا: ذوقوا عذابًا تخلدون فيهِ إلى غير نهاية ﴿بِمَا كُنْتُمْ﴾ في الدنيا ﴿تَعْمَلُونَ﴾ من معاصي الله). والآية كقوله تعالى: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (٢٤) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (٢٥) جَزَاءً وِفَاقًا (٢٦) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا﴾ [النبأ: ٢٤ - ٣٠].
وفي سنن ابن ماجة بإسناد صحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [يُؤتى بالموتِ يوم القيامة. فيوقَفُ على الصِّراط. فيقال: يا أهل الجنة! فَيَطَّلِعونَ خائفين وَجِلين أَنْ يُخْرَجُوا من مكانهم الذي هم فيه. ثم يقال: يا أهل النار! فيطلعونَ مُسْتَبْشِرين فَرِحين أن يُخرَجُوا مِنْ مكانهم الذي هم فيه. فيقال: هَلْ تَعْرِفُونَ هذا؟ قالوا: نَعَمْ. هذا الموتُ. قال: فَيُؤمَرُ بهِ فَيُذْبحُ على الصراط. ثم يُقالُ للفريقين كِلاهُما: خُلودٌ فيما تجدون. لا مَوْتَ فيها أبدًا] (٢).
١٥ - ١٧. قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ
(٢) حسن صحيح. أخرجه ابن ماجة في السنن (٤٣٢٧)، كتاب الزهد. باب صفة النار. انظر صحيح سنن ابن ماجة (٣٤٩٣)، وأصل معناه في الصحيحين والسنن.