على رؤوس الخلانق: ﴿هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [هود: ١٨] (١).
وقوله تعالى: ﴿أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
أي: أما الذين اختاروا منهج الإيمان وأكّدوا يقينهم بالعمل الصالح فأولئك لهم بساتين المساكن والدور والغرف العالية التي جعلها الله لهم ﴿نُزُلًا﴾: أي: ضيافة وكرامة لهم في الدار الآخرة مقابل صدق منهاجهم.
وقوله: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾. أي: وأما الذين خرجوا عن طاعة الله ومضوا خلف أهوائهم فإن موعدهم النار مثوى لهم.
وقوله: ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾.
قال القرطبي: (أي: إذا دفعهم لهب النار إلى أعلاها ردّوا إلى موضعهم فيها، لأنهم يطمعون في الخروج منها. ﴿وَقِيلَ لَهُمْ﴾ أي يقول لهم خزنة جهنم. أو يقول الله لهم: ﴿ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ والذوق يستعمل محسوسًا ومعنىً).
وعن الفضيل بن عياض قال: (والله إن الأيدي لموثَّقة، وإن الأرجل لمقيَّدة، وإنَّ اللهبَ ليَرفَعُهم، والملائكة تقمَعُهم).
وفي التنزيل: ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ [الحج: ٢٢]. أي: يقال لهم ذلكَ تقريعًا وتوبيخًا وتحقيرًا.
وفي صحيح مسلم عن أنس عن النبي - ﷺ - قال: [يقول الله تبارك وتعالى لأهونِ أهل النار عذابًا: لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتديًا بها؟ فيقول: نعم، فيقول: قد أردت منكَ أهونَ من هذا، وأنتَ في صلب آدم، أن لا تشرك ولا أدخلكَ النار، فأبَيْتَ إلا الشرك] (٢).

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٤٤١)، ومسلم (٢٧٦٨)، وأخرجه أحمد (٢/ ٧٤).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٨/ ١٣٤)، كتاب صفة القيامة. باب في كثرة العرق يوم القيامة.
وانظر مختصر صحيح مسلم (١٩٥٥)، ورواه البخاري بنحوه.


الصفحة التالية
Icon