آلاف من قريش ويهود وقبائل العرب ضدهم، ولجأ زعماء اليهود إلى المكر والخديعة وألبوا بني قريظة لتنقض العهد وتظهر الغدر.
لقد خشي المسلمون على نسائهم وذراريهم من هذا الغدر المتوقع، ومكثوا في حالة قلق وهمّ وصفها القرآن في هذه السورة - سورة الأحزاب - وهي: قوله تعالى: ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾.
قال قتادة: (﴿وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ﴾: شخصت). وعن عكرمة: (﴿وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾ قال: من الفزع).
فقد أخبر القرآن أنهم أحاطت بهم الأحزاب من فوقهم، في حين هددتهم بنو قريظة من أسفل منهم، وقد ظن المنافقون بالله الظنون، ونزل بالمؤمنين بلاء عظيم كادَ أن يزلزلهم، لولا تثبيت الله سبحانه لهم، وتألق التربية النبوية الدقيقة التي أسعفتهم في مثل هذه الأحوال. وقال النسفي: (﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ أي من أعلى الوادي من قبل المشرق بنو غطفان ﴿وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾ من أسفل الوادي من قبل المغرب قريش ﴿وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ﴾ مالت عن سننها ومستوى نظرها حيرةً أو عدلت عن كل شيء فلم تلتفت إلا إلى عدوها لشدة الروع ﴿وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾ الحنجرة رأس الغلصمة وهي منتهى الحلقوم، والحلقوم مدخل الطعام والشراب، قالوا: إذا انتفخت الرئة من شدةِ الفزع أو الغضب ربت وارتفع القلب بارتفاعها إلى رأس الحنجرة. وقيل: هو مثل في اضطراب القلوب وإن لم تبلغ الحناجر حقيقة). وعن الحسن: (قوله: ﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾: ظنونًا مختلفة، ظن المنافقون أن محمدًا وأصحابه يُستأصلون، وأيقن المؤمنون أن ما وعدهم الله حق، أنه سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون).
وعن مجاهد: (قوله: ﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ قال: محصوا).
قال ابن جرير: (قوله: ﴿وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ يقول: وحُرِّكوا بالفتنةِ تحريكًا شديدًا، وابتلوا وفتنوا).
١٢ - ٢٠. قوله تعالى: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (١٢) وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ


الصفحة التالية
Icon