وقوله: ﴿وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا﴾. قال ابن كثير: (أي: ولو كانوا بين أظهركم لما قاتلوا معكم إلا قليلًا، لكثرة جبنهم وذِلَّتهم وضعف يقينهم. واللهُ سبحانهُ وتعالى العالم بهم). وقال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره للمؤمنين: ولو كانوا أيضًا فيكم ما نفعوكم، وما قاتلوا المشركين إلا قليلًا: يقول: إلا تعذيرًا، لأنهم لا يقاتلونهم حسبة ولا رجاء ثواب).
٢١ - ٢٧. قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١) وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (٢٢) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (٢٣) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (٢٤) وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (٢٥) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (٢٧)﴾.
في هذه الآيات: تأكيدُ الله تعالى للمؤمنين أن رسوله - ﷺ - هو موضع القدوة والأسوة لهم، وثناؤه تعالى على الرجال الصادقين مع الله في عهودهم، وذمُّه تعالى الكافرين والمنافقين وتصويره الخزي والذل الذي لحق باليهود مقابل غدرهم.
فقوله: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾. أصل عظيم في التأسي برسول الله - ﷺ - في أقواله وأفعالهِ ومنهاجه الأكمل.
قال ابن جرير: (لقد كان لكم في رسول الله - ﷺ - أسوة حسنة، أن تتأسوا بهِ، وتكونوا معه حيث كان، ولا تتخلفوا عنه).
وقد هدّد الله تعالى في سورة النساء من لا يرتاح لحكم الوحي في الفصل في الحكم، بل يجد رأيه أحكم وأصوب، فقال جل وعز: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى


الصفحة التالية
Icon