وفي لفظ عند الطبراني: [ما تركت شيئًا يقربكم إلى الله تعالى إلا وقد أمرتكم به، وما تركت شيئًا يبعدكم عن الله تعالى إلا وقد نهيتكم عنه] (١).
وجاء في سير أعلام النبلاء عن الربيع قال: (سمعتُ الشافعي يقول: إذا وجدتم في كتابي خلاف سنةِ رسول الله - ﷺ - فقولوا بها، ودعوا ما قلتُه).
قال: وسمعت الشافعي يقول: (أي سماء تُظلني، وأي أرض تُقِلُّني إذا رويتُ عن رسول الله - ﷺ - حديثًا فلم أقلْ به).
وجاء في أعلام الموقعين قول الإمام أحمد - كما يروي عنه أبو الحارث -: (لا يجوزُ الإفتاءُ إلا لرجل عالم بالكتاب والسنة).
وكان أبو حنيفة رحمه الله يقول: (لا يحلُّ لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعرف مأخذهُ من الكتاب والسنة) (٢).
وكان الإمام مالك يقول: (السنة سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلفَ عنها غرق) (٣).
وقوله: ﴿لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾.
أي: هذا التأسي برسول الله - ﷺ - هو منهاج لمن يرجو ثواب الله ورحمته في الآخرة، وأكثر ذكر الله في الخوف والشدة والرخاء.
قال ابن كثير: (ولهذا أمر تبارك وتعالى الناس بالتأسي بالنبي - ﷺ - يوم الأحزاب، في صبره ومُصابرته ومُرابطتهِ ومجاهدته وانتظاره الفرجَ من ربه - عزَّ وجلَّ -، صلواتُ الله وسلامهُ عليه دائمًا إلى يوم الدين - ولهذا قال تعالى للذين تقلقلوا وتضجّروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم يوم الأحزاب: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ أي: هلا اقتديتم به وتأسَّيْتُمْ بشمائله؟ ! ولهذا قال تعالى: ﴿لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾).

(١) أخرجه الطبراني في "الكبير" (١٦٤٧)، وأخرجه الشافعي وابن خزيمة. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٨٠٣). ورواه الحاكم وغيره بلفظ مقارب. وانظر تفصيل البحث في مقدمة كتابي: السيرة النبوية على منهج الوحيين (١/ ٢٠ - ٢٧).
(٢) انظر رسالة: "رفع التردد" لابن عابدين، وكتاب: "أعلام المسلمين" - الدقر - (١٧).
(٣) انظر كتابي: السيرة النبوية على منهاج الوحيين: القرآن والسنة الصحيحة (١/ ٢٢).


الصفحة التالية
Icon