رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}] (١).
وعن مجاهد: (﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ﴾ قال: عهده فقتل أو عاش ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾ يومًا فيهِ جهاد، فيقضي نحبهُ وعهده، فيقتل أو يصدق في لقائه).
وقال أيضًا: (﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ﴾: مات على العهد). قال: (النحب: العهد).
وعن ابن عباس: (﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ﴾، قال: الموت على ما عاهد الله عليه، ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾ الموت على ما عاهد الله عليه).
وعن قتادة: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ﴾ على الصدق والوفاء ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾ من نفسه الصدق والوفاء).
قال ابن الأثير في "النهاية": (النحب: النذر، كأنهُ ألزم نفسهُ أن يصدق أعداء الله في الحرب، فوفى بهِ، وقيل: النحب الموت، كأنه يلزم نفسهُ أن يقاتل حتى يموت).
أخرج ابن سعد في "الطبقات"، وأبو يعلى في المسند، عن عائشة بنت طلحة عن عائشة قالت: [إني لفي بيتي، ورسولُ الله - ﷺ - وأصحابه بالفناء، وبيني وبينهم الستر، أقبل طلحة بن عبيد الله فقال رسول الله - ﷺ -: من سرَّهُ أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض وقد قضى نحبه فلينظر إلى طلحة] (٢).
وفي سنن ابن ماجة بسند حسن عن معاوية بن أبي سفيان، قال: نظر النبي - ﷺ - إلى طلحة فقال: [هذا ممن قضى نحبه] (٣).
ثم روى في الباب عن موسى بن طلحة قال: كنا عند معاوية فقال: [أشهد لسمعت رسول الله - ﷺ - يقول: طلحة ممن قضى نحبه].
وله شاهد عند الترمذي وابن ماجة من حديث جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [من سرَّهُ أَنْ ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى
(٢) حديث صحيح بمجموع طرقه. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (٣/ ١/ ١٥٥)، وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (ق ٢٣٢/ ١)، وأبو نعيم في "الحلية" (١/ ٨٨)، وله شاهد عند الحاكم (٢/ ٤١٥ - ٤١٦)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٢٥).
(٣) حديث حسن. أخرجهُ ابن ماجة في السنن (١٢٦). باب في فضائل أصحاب رسول الله - ﷺ -، انظر صحيح سنن ابن ماجة (١٠٣)، وكذلك (١٠٤) للحديث بعده.