مريضًا، أو أشهدُ جنازة، أو أصلي في مسجد! وما عبدت أمرأةٌ ربَّها مثل أن تعبدَهُ في بيتها] (١).
قال المنذري: (قوله: "فيستشرفها الشيطان" أي ينتصب ويرفعُ بصره إليها ويَهُمُّ بها؟ لأنَّها قد تعاطت سببًا من أسباب تسلطه عليها، وهو خروجها من بيتها).
الحديث الرابع: روى مسلم عن زينب امرأة عبد الله قالت: [قال لنا رسول الله - ﷺ -: إذا شَهِدَتْ إحداكُنَّ المسجد فلا تمسّ طيبًا] (٢).
وقوله: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾.
التبرج: إظهار الزينةِ، وإبرازُ المرأةِ محاسنها للرجال، وقيل: هو التبخترُ والتكسر.
قال قتادة: (﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾. أي: إذا خرجتن من بيوتكن، قال: كانت لهن مشية وتكسُّر وتغنج، يعني بذلكَ الجاهليةَ الأولى فنهاهن الله عن ذلك).
وقال مجاهد: (كانت المرأةُ تخرجُ تمشي بين يدي الرجال، فذلكَ تبرج الجاهلية).
وقال مقاتل: (التبرج: أنَّها تلقِي الخمار على رأسها، ولا تشدّهُ فيواري قلائِدَها وقِراطَها وعُنُقَها، ويبدو ذلكَ كلُّه، وذلكَ التبرج، ثم عمت نساء المؤمنين في التبرج).
وقال ابن جرير: حدثني ابنُ زهير، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا داود - يعني ابنَ أبي الفُرات - حدثنا علباءُ بن أحمرَ، عن عكرمةَ، عن ابن عباس قال: (تلا هذه الآية: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾. قال: كانت فيما بين نوح وإدريسَ، وكانت ألفَ سنةٍ، وإنَّ بطنَين من ولدِ آدمَ كان أحدُهما يسكنُ السهلَ، والآخرَ يسكنُ الجبل، وكان رجال الجبلِ صِباحًا وفي النساء دَمامَةٌ. وكانَ نساءُ السهل صِباحًا وفي الرجال دمامة، وإن إبليس أتى رجلًا من أهلِ السهل في صورة غُلام، فآجَرَ نفسهُ منه، فكان يخدُمه واتخذ إبليسُ شيئًا مثل الذي يُزَمّر فيه الرّعاء، فجاء فيهِ بصوتٍ لم يَسمع
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٤٤٣)، كتاب الصلاة. باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، وأنها لا تخرج مطيبة.