عدول، ولا يحل لهم منهن أكثر من أربع، ويحل لهم مما ملكت أيمانهم - مؤمنات أو كتابيات - بالسباء والتسري وغير ذلك من أسباب الملك.
فعن قتادة: (﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ﴾ قال: إن مما فرض الله عليهم أن لا نكاح إلا بولي وشاهدين). وقال: (كان مما فرض الله عليهم أن لا تزوج امرأة إلا بولي وصداق عند شاهدي عدل، ولا يحلّ لهم من النساء إلا أربع، وما ملكت أيمانهم).
وقوله: ﴿لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾.
أي: بَيَّنا هذا البيان وشرحنا هذا الشرح لكيلا يكون عليك ضيق في أمر أنت فيه محتاج إلى السّعة. قال القرطبي: ﴿لِكَيْلَا﴾ متعلق بقوله: ﴿إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ﴾ أي فلا يضيق قلبك حتى يظهر منك أنك قد أثمت عند ربك في شيء. ثم آنس تعالى جميع المؤمنين بغفرانه ورحمته فقال تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾).
وقوله: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ﴾ - يحمل تأويلين حسب سبب النزول:
سبب النزول الأول:
أخرج البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: [كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله - ﷺ - وأقول: أتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله تعالى: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ﴾. قلت: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك] (١).
ورواه الحاكم وفيه: (فأنزل الله هذه الآية في نساء النبي - ﷺ -).
ورواه أحمد عنها بلفظ: [أنَّها كانت تُعَيِّرُ النساء اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله - ﷺ - قالت: ألا تستحي المرأة أن تعرضَ نفسَها بغيرِ صَدَاق؟ فأنزل الله عز وجل: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ﴾، قالت: إني أرى ربّك يُسارع لك في هواك].
والمعنى: (﴿تُرْجِي﴾ - تؤخر - من شئت من الواهبات، ﴿وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ -