وقد قرأ عامة قراء المدينة"مساكِنهم"، وقرأها بعض الكوفيين "مسكِنِهم" وقرأها حمزة "مسكَنِهم" وهي قراءات معروفة.
وقوله: ﴿جَنَّتَانِ﴾. أي بستانان كانا بين جبلين عن يمين من أتاهما وشماله، ورفعت، والتقدير: آية هي جنتان.
وعن قتادة: (﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ﴾ قال: كانت جنتان بين جبلين، فكانت المرأة تُخرج مِكْتَلها على رأسها فتمشي بين جبلين فيمتلى مكتلها وما مست بيدها، فلما طغوا بعث الله عليهم دابة يقال لها جُرَذ فنقبت عليهم فغرقتهم، فما بقي لهم إلا أثل وشيء من سدر قليل).
قال ابن زيد: (ولم يكن يرى في قريتهم بعوضة قط، ولا ذُباب ولا بُرغوث ولا عقرب ولا حية، وإن كان الركب ليأتون في ثيابهم القُمَّل والدواب فما هم إلا أن ينظروا إلى بيوتهم فتموت الدواب. قال: وإن كان الإنسان ليدخل الجنتين فيمسك القُفَّة على رأسه فيخرج حين يخرج وقد امتلأت القفة من أنواع الفاكهة ولم يتناول منها شيئًا بيده. قال: والسدّ يسقيها).
وعن قتادة: (قوله: ﴿بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾ قال: وربكم غفور لذنوبكم، قوم أعطاهم الله نعمة وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته).
وقال وهب بن منبه اليماني: القد بعث الله إلى سبأ ثلاثة عشر نبيًا فكذبوهم: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ﴾ يقول تعالى ذكره: فثقبنا عليهم حين أعرضوا عن تصديق رسلنا سدهم الذي كان يحبس عنهم السيول).
فقد أخرج الترمذي بسند حسن عن فروة بن مسيك المرادي قال: [أتيت النبي - ﷺ - فقلت: يا رسول الله، ألا أقاتل من أدبر من قومي، بمن أقبل منهم؟ فاذن لي في قتالهم وأمرني، فلما خرجث من عنده سأل عني ما فعل الغُطيفي؟ فأُخبر أني قد سرت، قال: فأرسل في أثري فردني فأتيته وهو في نفر من أصحابه فقال: "ادع القومِ فمَنْ أسْلمَ منهم فاقبل منه، ومَنْ لم يُسْلِم فلا تَعْجَلْ حتى أُحْدِثَ إليك"، قال: وأنْزِلَ في سَباء ما أنزل، فقال رجل: يا رسول الله، وما سبأ أرض أو امرأة؟ قال: "ليس بأرض ولا امرأة، ولكنه رجلٌ وَلَدَ عشْرة من العرب فتيامَنَ منهم سِتةٌ، وتشاءَمَ منهم أربعة، فأما الذين تشاءموا فَلخْمٌ، وجُذامٌ، وغسانُ، وعامِلَةُ. وأما الذين تيامَنوا: فالأَزدُ، والأشعرون، وحِميَرُ، وكِندَةُ، ومَذْحِجُ، وأنمارُ". فقال رجل: يا رسول الله، ما أنمار؟ قال: "الذين منهم خَثْعَمُ وبجيلةُ"]. صحيح سنن الترمذي (٢٥٧٤).