والإيمان، عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فلله الحمد وعليه التكلان.
وقوله: ﴿قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ﴾.
أي قل لهم يا محمد - لهؤلاء المشركين - أروني ماذا خلق أصنامكم من الأرض أم لهم شرك في السماوات! بينوا ذلك ولا تكتموه!
فإن كانت الرؤية هنا من رؤية القلب، فيكون ﴿شُرَكَاءَ﴾ مفعولًا ثالثًا (١) لأرى، وحينئذ يكون المعنى كما ذكر القرطبي: (أي عرفوني الأصنام والأوثان التي جعلتموها شركاء لله عز وجل، وهل شاركت في خلق شيء فبينوا ما هو؟ وإلا فلِمَ تعبدونها).
وأما إن كانت الرؤية يقصد بها رؤية البصر فيكون نصب ﴿شُرَكَاءَ﴾ على الحال، أي دعوني أبصر من ألحقتم لله شركاء. قال القاسمي في هذا التأويل: (ما زعمتموه شريكًا إذا برز للعيون وهو خشب وحجر تمت فضيحتكم).
ثم قال: ﴿كَلَّا﴾ لإبطال المقايسة، فالله سبحانه ليس له شريك بل هو ﴿الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾: أي الموصوف بالغلبة القاهرة والحكمة الباهرة، فأين شركاؤكم التي هي أخسّ الأشياء وأذلها من هذه الرتبة العالية والمنزلة الرفيعة.
وقيل: إن ﴿كَلَّا﴾ هي ردّ لجوابهم المحذوف، أي أروني الذين ألحقتم به شركاء؟ قالوا: هي الأصنام. فقال: كلا، ليس له شركاء، بل هو الله العزيز الحكيم، والضمير ﴿هُوَ﴾ عائد إما لله أو للشأن - قاله أبو السعود.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
أي: لتبشر من أطاعك بالجنة، وتنذر من عصاك بالنار، كما قال تعالى في سورة الأعراف: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: ١٥٨]. وكما قال في سورة الفرقان: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١)﴾.
قال قتادة: (أرسل الله محمدًا إلى العرب والعجم فأكرمهم على الله أطوعهم له).
وفي الصحيحين عن جابر قال: قال رسول الله - ﷺ -: [أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي،