وقال القرطبي: (أي هذا الذي من صنعه ما تَقرر هو الخالق المدبر والقادر المقتدر فهو الذي يعبد).
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ﴾.
أي ما تدعون من الأوثان والأصنام لا يقدرون عليه ولا على خلقه، فهو الخالق وحده سبحانه، وما أحد ممن تشركون به يملك في هذا الكون من قطمير. والقطمير، كما قال ابن عباس: (هو شق النواة). وفي رواية عنه: (جلد النواة). وفي رواية: (الجلد الذي يكون على ظهر النواة). وقال قتادة: (القشرة على رأس النواة). فأكد سبحانه بأن ما تدعون من دونه لا يملك هذه القشرة الرقيقة البيضاء التي بين التمرة والنواة أن يخلقها أو يصنعها، فكيف تصرفون له شيئًا من العبادة والتوجه والتعظيم.
وقوله تعالى: ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾.
قال قتادة: (المعنى لو سمعوا لم ينفعوكم). وفي رواية عنه: (أي ما قبلوا ذلك عنكم ولا نفعوكم فيه). وقيل: (أي لو جعلنا لهم عقولًا وحياة فسمعوا دعاءكم لكانوا أطوع لله منكم ولما استجابوا لكم على الكفر).
فإن تستغيثوا بهم في النوائب والكرب لا يسمعوا دعاءكم؛ لأنَّها جمادات لا تبصر ولا تسمع، وبهذا المعنى قال ابن جرير: (ولو سمعوا دعاءكم إياهم وفهموا عنكم أنَّها قولكم بأن جُعِلَ لهم سمعٌ يسمعون به ما استجابوا لكم لأنَّها ليست ناطقة، وليس كل سامع قولًا متيسّرًا له الجواب عنه).
ثم يوم القيامة تتبرأ آلهتكم منكم، تتبرأ الآلهة التي كنتم تعبدونها في الدنيا من دون الله أن تكون كانت لله شريكًا في الدنيا.
وقوله: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾. قال قتادة: (ويوم القيامة يكفرون بشرككم إياهم ولا يرضون ولا يقرّون به).
أي يجحدون أنكم عبدتموهم، فتبرأ منهم الملائكة والأوثان والشياطين ويخزيهم الله.
وقوله: ﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾. قال قتادة: (والله هو الخبير أنه سيكون هذا منهم يوم القيامة). وقال ابن جرير: (ولا يخبركم يا محمد عن آلهة هؤلاء المشركين