المعصية، ولا يستوي البصير ولا النور ولا الظل والأحياء فهو مثلُ أهل الطاعة).
وعن قتادة: (قوله: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾ خلقًا، فضّل بعضه على بعض، فأما المؤمن فعبد حيّ الأثر حيّ البصر، حيّ النية، حيّ العمل، وأما الكافر فعبد ميت، ميت البصر ميت القلب ميت العمل).
وفي قوله: ﴿وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ﴾ قيل: ﴿لا﴾ زائدة، فإن لم تدخل مع الواو فذلك اكتفاء بدخولها أول الكلام، فإن أدخلت فالمراد أن كل واحد منهما لا يساوي صاحبه، فلا يساوي الأعمى البصير ولا يساوي البصير الأعمى.
والحرور من الحرّ، على وزن فعول، وهو الحرّ المؤذي الكثيف.
ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة، عن رسول الله - ﷺ - قال: [قالت النار: ربّ أكل بعضي بعضًا، فأذَنْ لي أتنفَّس، فأذِن لها بِنَفَسَيْن: نفسٍ في الشتاء ونفس في الصيف، فما وجدتم من برد أو زمهرير فمن نفس جهنم، وما وجدتم من حر أو حرور فمن نفس جهنم] (١).
وفي رواية عن أبي هريرة: (فما تجدون من الحر فمن سمومها، وشدّة ما تجدون من البرد فمن زمهريرها).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٢٢) إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ﴾.
قال قتادة: (كذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما يسمع).
أي: فكما أنك يا محمد لا تستطيع أن تسمع من في القبور كتاب الله فيهديهم لسبيل الرشاد، فكذلك لا تقدر أن تنفع بمواعظ الله وحججه من كان ميت القلب من الأحياء، فإنما تنذر هؤلاء المشركين فتبشر بالجنة مَنْ صَدَّقَكَ وتنذر بالنار مَنْ كَذَّبَكَ، ولا يملك الهداية إلا الله.
وقوله: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ أي: لتبشر بالجنة وتنذر عقاب الجحيم.
وقوله: ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾.
قال قتادة: (كل أمة كان لها رسول).