وأخرج الطبراني وابن حبان بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [من غشّنا فليس منا، والمكر والخِداع في النار] (١). أي تدخل صاحبها النار، فهي من أخلاق الكفار.
وقوله: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ﴾. قال قتادة: (أي عقوبة الأولين، ﴿فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾. يقول: فلن تجد يا محمد لسنة الله تغييرًا).
والسنة: الطريقة، والجمع سُنَن، وتارة يضيفها سبحانه إليه، وتارة إلى القوم لتعلق الأمر بالجانبين. كما قال عز وجل: ﴿سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا﴾. وكقوله: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ﴾، وكقوله: ﴿فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ﴾.
فقد أخذ الله إجراء العذاب على الكفار، كقوله: ﴿وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ﴾. ويجعل ذلك سنة فيهم، فكل من استحقه عذّبه لا يقدر أحد أن يحوّل العذاب عن نفسه إلى غيره.
وقوله: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾.
أي: فلينظر هؤلاء المشركون من قومك يا محمد بمصير من أسرف ولم يعظم آيات ربه ودينه وشرعه رغم ما آتاهم من قوة وأسباب. فقال: ﴿وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾. قال قتادة: (يخبركم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم).
فلينظروا مصير عاد وثمود ومَدْين وغيرهم، وليروا ما بقي من مساكنهم ودورهم.
قال ابن كثير: (سيروا في الأرض فانظروا كيف دمّر الله مكذبي الرسل فخلت منهم منازلهم وسُلبوا نعيمهم رغم كثرة الأولاد والأموال والعدد والعُدَد).
فقل يا محمد لمشركي قومك وذكرهم بما سمعوا على التواتر بما حَلّ بالأمم قبلهم رغم أنهم كانوا أقوى منهم. ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ القهار والجبار بيده الملك لا يعجزه شيء في ملكوته وله الكبرياء.
أخرج الحاكم بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: