بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١ - ١٢. قوله تعالى: ﴿يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (٦) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٧) إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (٩) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠) إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (١٢)﴾.
في هذه الآيات: افتتح الله هذه السورة بحرفين: الياء والسين. وكأن المعنى أو المراد هو الإعجاز وتحدي البطلة، فهذا القرآن هو من جنس هذه الأحرف فأتوا بمثله إن استطعتم. ثم أقسم سبحانه بوحيه وتنزيله: إنك يا محمد لمن المرسلين من الله إلى عباده، وإنك لعلى صراط مستقيم وهو الإسلام، صراط الأنبياء جميعًا صلوات الله وسلامه عليهم. وما معك من القرآن هو تنزيل الرب الرحيم بعباده، العزيز في انتقامه، لتنذر مَنْ بَعُدُوا عهدًا بالإنذار، فتجدد النذارة لهم فيخلصوا من الغفلة، مع أن العقاب قد كتبه الله بعلمه على أكثرهم لاستكبارهم وعنادهم وتقليدهم المسرفين من الأمم قبلهم، فهم مغلولون مقيدون أن يأتوا بخير، قد جعل الله بعدله بينهم وبين الإسلام والإيمان سدًّا منيعًا، لأن واقع قلوبهم ونفوسهم يتناسب وذلك، فسواء يا محمد إنذارك وعدمه فهم بالإيمان زاهدون، وبحب الدنيا ماضون، وبتعظيم الشهوات والرياسات مرابطون. فالنذارة تنفع المخبتين، الذين يخشون ربهم ممسين ومصبحين، وباتباع هدي القرآن عاكفون، فأولئك لهم أجر التائبين المستغفرين. فالله


الصفحة التالية
Icon