وقد جاء الحض على حضور صلاة الجماعة وأجر المشي إليها وكثرة الخطا في السنة الصحيحة: وفي ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [إن أعظم الناس أجرًا في الصلاة أبعدُهم إليها مَمْشى فأبعدُهم، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام، أعظم أجرًا من الذي يصليها ثم ينام] (١).
الحديث الثاني: أخرج الإمام أحمد في المسند بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [الأبعدُ فالأبعدُ من المسجد أعظمُ أجرًا] (٢).
والمراد الحض على حضور صلاة الجماعة ولو كان المنزل بعيدًا من المسجد، فالأجر محسوب مضمون من الله سبحانه.
الحديث الثالث: أخرج الإمام مسلم عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: [كان رجل من الأنصار لا أَعْلَمُ أحدًا أبعدَ من المسجد منه، كانت لا تخطِئُهُ صلاة، فقيل له: لو اشتريت حمارًا تركبه في الظَّلْماء، وفي الرَّمْضاء (٣) فقال: ما يَسُرُّني أن مَنزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يُكتبَ لي مَمْشايَ إلى المسجد، ورجوعي إذا رجَعْتُ إلى أهلي. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قد جمع الله لك ذلك كلَّهُ] (٤).
وفي رواية: [فتوجَّعْتُ له، فقلت: يا فلان! لو أنك اشتريت حمارًا يقيك الرمضاءَ وهوامَّ الأرض! قال: أما والله ما أحِبُّ أن بيتي مُطَنَّبٌ (٥) ببيت محمد -صلى الله عليه وسلم-! قال: فَحُمِلْتُ به حِملًا، حتى أتيتُ نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته، فدعاه، فقال له: مثل ذلك، وذكر أنه يرجو أجر الأثر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إنّ لك ما احْتَسَبْت].
فكل هذه الآثار العظيمة تحمل على الحرص على صلاة الجماعة، فهي علامة من علامات الصدق في حياة المؤمن يلبي دعوة ربه وأمر نبيّه، ثم لا عذر مع سماع النداء
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن (٥٥٦). ورواه أحمد وغيره. انظر صحيح الترغيب (١/ ٣٠٤)، كتاب الصلاة. الترغيب في المشي إلى المساجد.
(٣) هي الأرض الشديدة الحرارة من وقع الشمس.
(٤) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٦٦٣). وانظر المرجع السابق (١/ ٣٠٦)، ورواه ابن ماجة وغيره.
(٥) أي مشدود بالأطناب. والطنب أحد أطناب الخيمة. قال ابن الأثير: (يعني ما أحب أن يكون بيتي إلى جانب بيته، لأني أحتسب عند الله كثرة خطاي من بيتي إلى المسجد).