١ - أضللناهم عن الهدى. قال ابن عباس: (يقول: أضللتهم وأعميتهم عن الهدى).
٢ - تركناهم عميًا. قال قتادة: (يقول: لو شئنا لتركناهم عميًا يترددون). واختاره ابن جرير. وقال القرطبي: (فالمعنى لأعميناهم فلا يبصرون طريقًا إلى تصرفهم في منازلهم ولا غيرها) - إذ لا معنى للضلالة وهم كفار.
وقوله: ﴿فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ﴾. قال مجاهد: (الطريق، ﴿فَأَنَّى يُبْصِرُونَ﴾ وقد طمسنا على أعينهم).
وأما من ذهب للمعنى الأول: (الضلالة والعمى عن الهدى) فيكون المعنى كما ذى ابن عباس: ﴿فَأَنَّى يُبْصِرُونَ﴾: فكيف يهتدون). وفي رواية: (يقول: لا يبصرون الحق). وقال قتادة: (ولو نشاء لفقأنا أعين ضلالتهم وأعميناهم من غيّهم وحولنا أبصارهم من الضلالة إلى الهدى، فاهتدوا وأبصروا رشدهم وتبادروا إلى طريق الآخرة. ثم قال: ﴿فَأَنَّى يُبْصِرُونَ﴾ ولم نفعل ذلك بهم، أي فكيف يهتدون وعين الهدى مطموسة، على الضلال باقية).
ثم قال جل ثناؤه: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ﴾.
قال قتادة: (أي لأقعدناهم على أرجلهم فلم يستطيعوا أن يتقدموا ولا يتأخروا).
وعن ابن عباس: (ولو نشاء أهلكناهم في مساكنهم).
والمكانة والمكان بمعنى واحد. والمضي: مصدر مضى أي ذهب. قال الحسن: (أي لأقعدناهم فلا يستطيعون أن يمضوا أمامهم ولا يرجعوا وراءهم). وقيل: لو نشاء لمسخناهم في المكان الذي اجترؤوا فيه على المعصية. وقال ابن سلام: (هذا كله يوم القيامة يطمس الله تعالى أعينهم على الصراط). وقيل: قد يكون المسخ تبديل صورة الإنسان بهيمة ثم هي لا تعقل موضعًا تقصده فتتحيّر فلا تقبل ولا تدبر.
وخلاصة المعنى: أن الله سبحانه يهددهم بالعطب ونزول العذاب في ديارهم إذا تابعوا بالاجتراء على الشرك بالله واجتراح المعاصي والآثام، إلى أن يعجزوا عن اجتياز الصراط يوم القيامة والجسر على جهنم، فيقذفون فيها خاسئين.
ثم قال سبحانه: ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾.
قال قتادة: (من نَمُدّ له في العمر ننكسه في الخلق لكيلا يعلم بعد علم شيئًا، يعني