ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - ﷺ -: [أقيموا الصُّفوف فإنما تصفون بصفوف الملائكة، وحاذوا بين المناكب، وسُدُّوا الخَلَل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فُرجات للشيطان، ومن وصل صفًا وصله الله، ومن قطع صفًا قطعه الله عز وجل] (١).
وأصله في صحيح الإمام مسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: [فُضِّلْنَا على الناس بثلاث: جُعِلَت صفوفنا كصفوف الملائكة، وَجُعِلَت لنا الأرض كلها مسجدًا، وَجُعِلَ لنا ترابها طهورًا إذا لم نجد الماء] (٢).
وكذلك في صحيح مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: [ألا تصفّون كما تصف الملائكة عند ربهم؟ قلنا وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: يتمون الصفوف المتقدمة ويتراصّون في الصف] (٣).
فقوله: ﴿وَالصَّافَّاتِ﴾ قسم، والواو بدل من الباء. قيل المراد: برب الصافات- حكاه القرطبي. قلت: لكن الله سبحانه يقسم بما شاء، فيقسم بالتين وبالزيتون ويقسم بالقمر وبالنجم، وبالشمس وبالليل وبالنهار، وبكل ما يحب فله الكبرياء وحده، وهنا يقسم بالملائكة، وهو قوله: ﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا﴾.
قال الحسن: (صفًّا لصفوفهم عند ربهم في صلاتهم).
وقوله: ﴿فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا﴾ عطف عليه. قيل الملائكة تزجر السحاب تسوقه حيث أمر الله، وقيل: بل هي آيات القرآن يزجر الله بها ما زجر عنه وحكاه في القرآن.
قال مجاهد: (﴿فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا﴾: الملائكة). وقال قتادة فيها: (ما زجَرَ الله عنه في القرآن).
قلت: والراجح قول مجاهد أنها الملائكة، وإليه ذهب السدي بقوله: (إنها تزجر السحاب).
واختاره الحافظ ابن كثير، وشيخ المفسرين -ابن جرير- حيث قال: (لأن الله
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٥٢٢)، كتاب المساجد ومواضع الصلاة.
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٤٣٠) - كثاب الصلاة- باب الأمر بالسكون في الصلاة... وإتمام الصفوف الأُوَل والتراصّ فيها والأمر بالاجتماع.