وقال أبو مجلز: (إن مملوكك لا تخاف أن يقاسمك مالك، وليس له ذلك، كذلك الله لا شريك له).
والخلاصة: هو مثل ضربه الله تعالى للعابدين معه غيره -وهم يقرون أن شركاءه من الأوثان والأنداد عبيد له، كما جاء في تلبيتهم "لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك"- فأتاهم الله بمثل يفهمونه ويعايشونه: أيرتضي أحدكم أن يشاركه عبده وخادمه ماله فهو وإياه يقتسمانه على السواء؟ ! إنكم تخافونهم كما يخاف الأحرار بعضهم بعضًا فيما هو مشترك بينهم. كذلك لا يرضى الله تعالى أن يشاركه أحد في العبادة، فلا تجوز العبادة إلا له سبحانه.
وقوله: ﴿كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾.
أي: كذلك يبين الله الآيات والحجج لقوم يتدبرون ضرب الأمثال ويحسنون المحاكمة.
وقوله: ﴿بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾.
أي: وإنما اتبع المشركون في عبادتهم أهواءهم ومضوا خلف ميراث الآباء في جاهليتهم، دون نور من علم صحيح من الوحي أو مشكاة الرسل.
وقوله: ﴿فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول: فمن يسدد للصواب من الطرق، يعني بذلك من يوفق للإسلام من أضل الله عن الاستقامة والرشاد؟ ﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ يقول: وما لمن أضل الله من ناصرين ينصرونه، فينقذونه من الضلال الذي يبتليه به تعالى ذكره).
٣٠ - ٣٢. قوله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢)﴾.
في هذه الآيات: أَمْرُ الله تعالى نبيّه - ﷺ - والمؤمنين باتباع الدين الحنيف دين الفطرة، فهو الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون. وأَمْرُهُ تعالى عباده أن يصدقوه التقوى


الصفحة التالية
Icon