ومن صحيح السنة في ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن ابن عباس عن النبي - ﷺ - قال: [أخذ الله تبارك وتعالى الميثاق من ظهر آدم بنعمان -يعني عرفة- فأخرج من صُلْبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلًا، قال: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾] (١).
الحديث الثاني: أخرج الإمام النسائي في "الكبرى"، وأحمد في المسند، وأبو يعلى بسند صحيح عن الأسود بن سريع قال: [أتيتُ رسولَ الله - ﷺ - وغَزوت معه، فأصبْتُ ظَفَرًا، فقَتَلَ الناس يومئذ، حتى قتلوا الولدان. فبلغ ذلك رسول الله - ﷺ - فقال: ما بالُ أقوام جاوزهم القتل اليوم حتى قتلوا الذرية؟ ! فقال رجل: يا رسول الله، أما هم أبناءُ المشركين؟ فقال: ألا إنما خياركم أبناء المشركين. ثم قال: لا تقتلوا ذُرِّيةً، لا تقتُلوا ذُرِّيَةً. وقال: كُلُّ نَسْمَةٍ تُولَد على الفِطْرة، حتى يُعْرِبَ عنها لسانُها، فأبواها يُهَوِّدَانِها أو يمصِّرانها] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن سعيد بن المُسَيِّبِ، عن أبي هريرة، أنه كان يقول: قال رسول الله - ﷺ -: [ما مِنْ مَوْلودٍ إلا يولَدُ على الفِطرة، فأبواهُ يُهَوِّدَانِه ويُنَصِّرانِه ويُمَجِّسَانِه، كما تُنْتَجُ البهيمةُ بَهيمةً جمعاء (٣)، هل تُحِسُّوِنَ فيها من جَدْعاء (٤)؟ ثم يقولُ أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ الآية [الروم: ٣٠] (٥).
وقوله: ﴿ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾. أي التمسك بالدين الحق دين الفطرة هو الدين

(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (١/ ٢٧٢)، والنسائي في "الكبرى" (١١١٩١)، والحاكم عن ابن عباس مرفوعًا، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٦٢٣).
(٢) أخرجه النسائي في "الكبرى" (٨٦١٦)، وأحمد في المسند (٣/ ٤٣٥)، (٤/ ٢٤)، وأبو يعلى (٩٤٢)، والطبراني (٨٢٩)، وقال الهيثمي في "المجمع" (٣/ ٣١٦): (وبعض أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح). وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٤/ ١٦٢٣) ص (١٦٣).
(٣) تنتج البهيمةُ بهيمةً جمعاء: أي تولد كاملة سليمة الأعضاء.
(٤) جدعاء: مقطوعة الأنف أو الأذن أو الذنب أو غير ذلك من الأعضاء.
(٥) حديث صحيح. رواه مسلم (٢٦٥٨) - كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، وحكم موتى أطفال الكفار وأطفال المسلمين.


الصفحة التالية
Icon