وسلامه عليه قال: [إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة] (١). ورواه ابن حبان ولفظه: [إني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة]- وأصله في صحيح الإمام البخاري.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ﴾. فسخر له سبحانه الجبال الشامخات تجيبه وترجّع معه التسبيح والتهليل والتعظيي فرحًا منها بذكر الله سبحانه، كما قال جل ثناؤه: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾. وكقوله جل وعز: ﴿قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ﴾. وكقوله: ﴿يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾. وعن قتادة: (﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ﴾ قال: يسبحن مع داود إذا سبَّحَ بالعشي والإشراق). وقال ابن زيد: (حين تُشرق الشمس وتضحي). وقال ابن عباس: (يسبّحن: يصلين). وقال ابن جرير رحمه الله: (يقول تعالى ذكره: إنا سخرنا الجبال يسبّحن مع داود ﴿بِالْعَشِيِّ﴾ وذلك من وقت العصر إلى الليل، ﴿وَالْإِشْرَاقِ﴾ وذلك بالغداة وقت الضُّحا. ذكر أن داود كان إذا سبح سبحت معه الجبال).
قلت: فقوله: ﴿يُسَبِّحْنَ﴾ في محل نصب حال، وكان هذا معجزة من الله سبحانه وبرهانًا أيَّد به نبيّه داود عليه السلام، وكان يفقه ما يقولون كما قال مقاتل: (كان داود إذا ذكر الله جل وعز ذكرت الجبال معه، وكان يفقه تسبيح الجبال). وقد آتاه الله من حسن الصوت ما يكون له في الجبال دوي حسن، وما تصغي لحسنه وجماله الطير فتصوّت معه وتشاركه بذلك الطبيعة إيمانه وتوحيده وذكره وتعظيمه فتعالى الله أحسن الخالقين.
وأما الإشراق في لغة العرب فهو يطلق على ابيضاض الشمس بعد طلوعها فيقال: شرقت الشمس أي طلعت وأشرقت إذا أضاءت، وأشرق وجه الرجل أي أضاء وتلألأ حُسْنًا. فكان داود عليه الصلاة والسلام يسبح إثر صلاته عند طلوع الشمس وعند غروبها.
قلت: وهذا هو وقت الضُّحا وصلاته سمّاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم- صلاة الأوابين. قال ابن عباس: (ما عرفت صلاة الضُّحا إلا بهذه الآية ﴿يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ﴾).